ذكاء اصطناعي

هل أخطأنا في فهم الجاذبية طوال الوقت؟ النظرية التي قد تعيد النظر في فهمنا للزمكان

فريق العمل
فريق العمل

3 د

تقدم ورقة بحثية جديدة فكرة مثيرة حول الجاذبية باعتبارها نتاجًا لانجراف كثافة الانتروبيا.

يُعيد هذا الفهم الجديد النظر في معادلات أينشتاين باعتبارها تطبيقًا للقوانين الثيرموديناميكية.

تشير النظرية إلى أن الثقوب السوداء تعمل كـ"معالجات معلومات كونية" وفقاً للنظرية الجديدة.

تفترض النظرية أن المادة والطاقة المظلمة هي انعكاس لتوزع الانتروبيا داخل الفضاء.

يمكن أن يساهم هذا المفهوم الجديد في تطوير تكنولوجيا فضائية تعتمد على إعادة ترتيب المعلومات.

هل يمكن أن تكون الجاذبية مجرد وهم؟ هكذا تجيبنا نظرية جديدة

عندما نسمع كلمة جاذبية، عادة ما يخطر في بالنا سقوط التفاح وأفكار العالم المخضرم إسحاق نيوتن، أو ربما نتذكر أينشتاين وعبقريته التي رسمت صورة مدهشة للجاذبية كتشوهٍ في نسيج الزمكان. ولكن، هل فكرت يومًا أن الجاذبية التي ندركها ليست إلا نتيجة لظاهرة أعمق وأكثر غموضًا مما نتخيل؟

اليوم، وفي ورقة بحثية جديدة مقدمة من فريق علمي بارز، تظهر فكرة مثيرة تنطلق من مزج بين الفيزياء والثرموديناميكا (علم الديناميكا الحرارية). فكرتها الأساسية هي أن الجاذبية ليست قوة بحد ذاتها، بل هي ببساطة نتيجة انجراف في كثافة الانتروبيا (كمية الفوضى أو العشوائية في نظام ما) داخل نسيج الزمكان. بعبارة أخرى، الجاذبية تعكس ميل الكون الدائم نحو حالة توازن فوضى قصوى، مثلما تتوزع الحرارة في غرفة مغلقة لتتساوى في جميع جوانبها.

بدأت هذه الرحلة الفكرية وقت نشر تيد جاكوبسون نظريته عام 1995 وطرح فكرة أن معادلات أينشتاين الشهيرة ما هي إلا تطبيق مباشر للقوانين الثيرموديناميكية، ما يجعلنا نعيد النظر في فهمنا للزمكان نفسه. لاحقًا، طور الفيزيائي إريك فيرلند مفهوم "الجاذبية الانتروبية"، أي أن القوى التجاذبية التي نحسها تنشأ بشكل طبيعي من اختلافات الانتروبيا في نظام معين، وهو ما يجعل من الجاذبية أمرًا إحصائيًا وليست قوة أساسية.

وهذا يأخذنا نحو مفهوم مختلف جدًا للثقوب السوداء التي يسميها الفريق "حفر انتروبيا عظيمة" تمتص المادة والطاقة من حولها بسبب تدرجات عالية للغاية في الانتروبيا. ويذهب الباحثون بعيدًا في استنتاجاتهم ليقترحوا أن تلك الثقوب يمكن اعتبارها "معالجات معلومات كونية" تمتص المعلومات وتعيد توزيعها على صورة إشعاع هوكينغ، حسبما تقترح النظرية الجديدة لحل مفارقة المعلومات الشهيرة.

وإذا كانت هذه الفكرة الجديدة قد أبهرتك، فالقصة لا تنتهي هنا، بل تمتد لما يعرف بالمادة المظلمة والطاقة المعتمة التي تتحكم في تمدد الكون وتشكيل بنية المجرات. هذه القوى الغريبة قد تكون ببساطة مجرد انعكاسات أعمق لتوزع الانتروبيا داخل الفضاء، مما يمكن أن يعطينا دلائل تجريبية يمكن قياسها في المستقبل.

ويفتح هذا المفهوم أبوابًا كثيرة على مستوى التطوير التكنولوجي وصناعة المركبات الفضائية المستقبلية، فلو نجح العلماء في التحكم بتركيز الانتروبيا –الفوضى- قد يمكننا استغلاله لتطوير أنظمة تحريك دون وقودٍ ثقيل، معتمدين فقط على إعادة ترتيب المعلومات في نسيج الزمن والمكان.

قد تبدو هذه الأفكار طموحة وغير مسبوقة، لكنها بالفعل تحظى باهتمام كبير من المجتمع البحثي، وحتى إذا كانت لا تزال بحاجة إلى تأكيد تجريبي موسع، فإنها تكسر حاجز الحدود القائمة في تفكيرنا التقليدي عن أحد أعمق أسرار الكون: حقيقة الجاذبية نفسها.

ذو صلة

ختامًا، نجد أن النظر إلى الجاذبية من منظور دينامي حراري يجعلها أقل غموضًا وأقرب لنا كظاهرة قابلة للفهم، وربما يتيح لنا أيضًا تطوير لغة علمية جديدة أكثر دقة وبساطة. من يدري؟ قد نكون على أبواب عصر نعيد فيه تعريف علاقتنا بالكون وطبيعة الواقع والجاذبية بشكل جذري.

وربما من الأفضل بدل كلمة "وهم"، أن نقول إن الجاذبية بشكلها المألوف لدينا هي ناتج حتمي لاختلافات الفوضى (الانتروبيا) على الصعيد الكوني، وإن كان ذلك يبدو غريبًا بعض الشيء، فالتقدم العلمي الحقيقي يكمن غالبًا على الحافة بين المألوف والمستحيل.

ذو صلة