هل بدأ الذكاء الاصطناعي في القضاء على المبرمج التقليدي؟ وهل تعلم البرمجة مازال مجدياً!؟

2 د
تغيّرت أهمية البرمجة بسبب أدوات ذكاء اصطناعي كالـ "GitHub Copilot" و"ChatGPT".
تزيد الأدوات البرمجية المدعومة بالذكاء الاصطناعي سرعة وكفاءة المبرمجين بنسبة 55٪.
تثير الثورة الرقمية تساؤلات حول جدوى تعلم البرمجة التقليدية بالنسبة للمبتدئين.
يظل دور الإنسان في البرمجة ضرورياً لتحليل المشكلات وتصميم الحلول الإبداعية.
يتحول مفهوم البرمج التقليدي إلى مهندس ذكاء اصطناعي أو خبير بالأتمتة مستقبلًا.
قبل بضع سنوات فقط كانت البرمجة توصف على الإنترنت بأنها "مهارة المستقبل"، وكان الجميع يتسابقون لتعلمها وتطوير قدراتهم للحصول على وظيفة مرموقة أو حتى دخول عالم ريادة الأعمال من أوسع أبوابه. لكن المشهد تغير بشكل كبير مؤخراً مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "GitHub Copilot" و"ChatGPT"، التي تستطيع كتابة الأكواد البرمجية بسرعة وبدقة مذهلة. هذا التطور يضع أمامنا اليوم سؤالاً مهماً وحساساً: هل لا يزال تعلم البرمجة مجدياً في عصر الذكاء الاصطناعي؟
لسنوات طويلة كان المبرمجون يقضون ساعات في كتابة أسطر وأوامر برمجية معقدة، لكن التطورات الأخيرة في أدوات الذكاء الاصطناعي تتيح لمستخدمها الآن إنتاج الأكواد بمجرد إدخال وصف بسيط لما تريد القيام به، وهذا شيء مبهر حقاً وأيضاً مثير للقلق للبعض. فوفقاً لدراسة حديثة أجرتها مايكروسوفت عام 2023، استطاع المبرمجون الذين يستخدمون أداة GitHub Copilot إكمال مهامهم البرمجية أسرع بنسبة 55٪ مقارنة بمن لم يستخدموا هذه الأداة.
هذا الواقع الجديد يثير بلا شك مخاوف حقيقية، خصوصاً لدى المبتدئين الذين كانوا يدرسون أساسيات مثل الحلقات الشرطية (loops) والجمل الشرطية (if statements)، ويتساءلون الآن إن كان هناك جدوى فعلية من الاستثمار في تعلم تلك المفاهيم، بينما يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بها بسهولة ودون أخطاء كثيرة. هذا الجدال يفتح الباب أمام وجهتي نظر متناقضتين بشكل كبير: البعض يرى فيه تهديداً لمهن المبرمجين التقليديين، فيما يرى البعض الآخر فرصة يجب استغلالها.
وهذا يقودنا لتساؤل جوهري: إذا كان الذكاء الاصطناعي قادراً اليوم على كتابة أكواد برمجية بأداء يضاهي عمل المبرمجين الصغار، فماذا سيكون دور الإنسان في مجال البرمجة مستقبلاً؟ الحقيقة أن الخبراء والمتخصصين يجيبون عن هذا السؤال بوضوح: دور الإنسان كمبرمج لن يختفي، وإنما سيتغير ويتطور بشكل جذري.
فبينما تتمتع أدوات الذكاء الاصطناعي بدقة عالية في كتابة الأكواد بسرعة مذهلة، ستظل هناك حاجة إلى الإنسان في خطوات التصميم الإبداعي، واتخاذ القرارات الاستراتيجية، وتحليل المشكلات المعقدة التي تتطلب فهماً عميقاً للسياق البشري والاجتماعي. المفارقة هنا أنه سيكون مطلوباً من المبرمجين التعرف بدقة على كيفية استخدام هذه الأدوات والاستفادة منها لتحقيق مهام كانت تستغرق وقتاً طويلاً في السابق.
وفي نهاية المطاف، تطرح هذه الثورة التقنية تساؤلات حول مستقبل البرمجة، لكنها بالوقت ذاته تفتح فرصاً جديدة لا حصر لها، فتعلم البرمجة اليوم لم يعد يتعلق فقط بإتقان كتابة الأكواد، بل بات يؤهلك لفهم عميق لكيفية استغلال الذكاء الاصطناعي بأفضل الطرق الممكنة. وربما يكون من المفيد أن نستبدل مفهوم "المبرمج التقليدي" بمفهوم جديد يجمع بين الإبداع البشري والتقنية الحديثة، مثل "مهندس الذكاء الاصطناعي" أو "خبير الأتمتة"، لجعلنا أكثر استعداداً للمستقبل الرقمي الذي نفترب بسرعة منه، ولنساهم بصورة أوسع في رسم ملامحه القادمة.