هل ينجح أغنى رجل في الهند بتحويل كل تلفاز إلى حاسوب؟

4 د
يخطط موكيش أمباني لتحويل التلفاز إلى حاسوب باستخدام خدمة JioPC.
تعتمد الخدمة على صندوق توصيل يوفر بيئة حاسوبية افتراضية عبر التلفاز.
تعمل Reliance على جسر الفجوة الرقمية في الهند بتقنية VDI بأسعار معقولة.
شركات أخرى مثل مايكروسوفت تقدم حلولًا منافسة للحواسيب الافتراضية.
تقنية JioPC تسعى لدعم تقني واجتماعي أكبر في المستقبل.
تخيّل عزيزي القارئ، أن يتحول جهاز التلفاز العادي الموجود في منزلك إلى جهاز حاسوب متكامل، دون الحاجة لشراء أجهزة باهظة الثمن أو معدات تقنية معقدة. هذا تحديداً ما يخطط له الملياردير الهندي موكيش أمباني، مؤسس شركة Reliance Industries، من خلال خدمته الجديدة التي أطلقت تحت اسم JioPC.
ففي ظل الفارق التقني الكبير الذي تعيشه الهند —حيث تمتلك 70% من الأسر أجهزة تلفاز، بينما لا تزيد نسبة من يمتلكون كمبيوتر منزلي عن 15%— تأمل شركة Reliance في تقليص هذه الفجوة عبر الاستفادة من شاشات التلفاز التقليدية وتحويلها لأجهزة حاسوب وظيفية بفضل تقنية سطح المكتب الافتراضي Virtual Desktop Infrastructure، والمعروفة اختصاراً بـ VDI.
كيف يعمل نظام JioPC؟
ببساطة، يعتمد هذه النظام الافتراضي على توفير بيئة حاسوبية متكاملة عبر جهاز صغير يُعرف بصندوق التوصيل (Set-Top Box)، والذي توفره الشركة إما مجاناً للمشتركين في خدمات الإنترنت المنزلية الخاصة بها، أو يمكنك شراؤه منفصلاً مقابل 5,499 روبية (حوالي 64 دولاراً أمريكياً). يستطيع هذا الصندوق البسيط تشغيل بيئة افتراضية بمواصفات تقنية جيدة، تتضمن أربع وحدات معالجة مركزية افتراضية بسرعة 2.45 جيجاهرتز وذاكرة مؤقتة بحجم 8 جيجابايت مع مساحة تخزين تصل إلى 128 جيجابايت. أما عن النظام التشغيلي، فهو يعتمد على Ubuntu Linux ذو الواجهة سهلة الاستخدام والمعروفة باسم Cinnamon.
ولكي تجعل تجربتك مكتملة، ما عليك إلا وصل لوحة مفاتيح وفأرة بالجهاز عن طريق كابلات USB أو عن طريق البلوتوث، ثم افتح تطبيق JioPC وقم بتسجيل الدخول إلى حسابك لتبدأ في استخدام حاسوبك الافتراضي فوراً.
رغم كل هذه المميزات العملية، تواجه الخدمة حالياً بعض التحديات والقيود مثل عدم دعمها حالياً لبعض الأجهزة الطرفية كالكاميرات والطابعات. كما أن نظام البرامج المكتبية المتوفرة حالياً هو LibreOffice وليس Microsoft Office، لكن يظل بإمكان المستخدم الاعتماد على الإصدارات عبر الإنترنت من برامج أوفيس من خلال المتصفح المدمج.
ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها Reliance تقليص الفجوة التقنية. فمنذ فترة، أطلقت الشركة هاتفاً محمولاً منخفض الثمن أطلق عليه Jio Bharat بسعر لا يتعدى 12 دولاراً ويقدم اتصال 4G بتكلفة أقل بـ30% عن منافسيها مع تقديم كمية بيانات أكبر بسبعة أضعاف، في محاولة لمساعدة الملايين من الهنود على التخلي عن شبكات الجيل الثاني القديمة والتحول باتجاه العالم الرقمي الأكثر تقدماً. كما تتعاون شركة Jio حالياً أيضاً مع مبادرة Connected Women لتمكين النساء من الوصول بشكل أكبر إلى الخدمات الرقمية داخل الهند.
تحديات أمام حلم Reliance بالصعود التقني:
رغم أن مفهوم "الحاسوب في التلفاز" قد يبدو مثالياً من الناحية النظرية، إلا أن هناك تحديات كبيرة لا تزال تواجه هذا النموذج الافتراضي الجديد. فالهند تعاني بالفعل من فجوة رقمية واقتصادية واسعة النطاق. فهناك حوالي 250 مليون شخص ما زالوا يستخدمون شبكات الجيل الثاني ذات الإمكانيات المحدودة، بينما المدن الكبرى تخطو بثبات باتجاه شبكات الجيل الخامس فائقة السرعة.
هذه الفجوة الثقافية والاقتصادية والتقنية، تؤثر على حياة الناس بشكل يومي، بدءاً من التعليم والصحة وصولاً إلى الخدمات المالية. وهنا تبرز أهمية الأفكار الجديدة مثل JioPC التي تسعى إلى تسهيل وصول ملايين الأشخاص إلى التقنية المتقدمة بتكاليف معقولة.
ومن جانب المنافسة السوقية، تأخذ فكرة الحواسيب الافتراضية زخماً قوياً في الهند حالياً. حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن تقنية سطح المكتب الافتراضي تحقق عائداً استثمارياً يصل إلى 171%، وتوفر تخفيضات في التكلفة الأولية للعتاد تصل لنحو 30%. وهذا ما يشجع دخول منافسين بارزين مثل Azure Virtual Desktop من مايكروسوفت، ومنتجات Cloud4C وAnunta DesktopReady.
ويبدو أن السباق التقني في الهند لن يهدأ قريباً، كما أن الـVDI تعد خياراً مثالياً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ليس فقط لقلة التكلفة، ولكن أيضاً لسهولة إدارة الأجهزة وتوفير بيئة عمل موحدة وآمنة للعاملين.
واليوم، ومع إطلاق JioPC، يبدو أننا على أعتاب عهد جديد من التكنولوجيا المتاحة للجميع. ورغم بعض النواقص الممكن معالجتها مستقبلاً مثل دعم الأجهزة الإضافية أو التعاون مع منصات البرامج الكبرى لإتاحة خيارات أفضل، تلوح بشأنها نتائج واعدة تعزز طموحات Reliance نحو المساهمة في سد الفجوة الرقمية بالهند. ولعل استخدام كلمات أكثر قوة ورشاقة في وصف التقنية مثل "ثورة رقمية بدلاً من تحول رقمي" أو "قفزة تقنية متقدمة بدلاً من تغيير بسيط" يمكنه أن يعزز جاذبية خدمة Reliance الجديدة ويجعلها أقرب للمستخدم العادي بصورة واضحة.