ذكاء اصطناعي

140 تريليون مرة أكبر من محيطاتنا: الأرض تعيش على فتات الماء الكوني!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

اكتشف علماء الفلك خزان مائي يعادل مياه الأرض بـ 140 تريليون مرة على بعد 12 مليار سنة ضوئية.

الكشف تم حول كوازار APM 08279+5255 الذي يحتوي على ثقب أسود هائل وإشعاعات فائقة.

الخزان يمتلك درجات حرارة وكثافة مرتفعة، مما يجعله "مختبر طبيعي" لدراسة المجرات.

يشير الاكتشاف إلى وجود الماء كمكون كوني متكرر، مما يدعم احتمال وجود الحياة خارج الأرض.

النتائج تدعو للتفاؤل حيال اكتشاف عوالم مأهولة في أجزاء بعيدة من الكون.

في كشف علمي يثير الخيال، أعلن فريق من علماء الفلك عن العثور على **خزان مائي هائل** يقع على بعد 12 مليار سنة ضوئية تقريباً من الأرض، يحتوي على كمية من المياه تفوق ما لدينا على كوكبنا بـ 140 تريليون مرة. هذا الاكتشاف غير المسبوق يغيّر نظرتنا حول أماكن انتشار الماء في الكون ودوره الحيوي في بناء الحياة.

هذا الحدث العلمي ليس مجرد إضافة صغيرة إلى مكتبة الاكتشافات الفلكية، بل يمثل نقلة حقيقية نحو فهم أكبر لتركيبة الكون وعناصره الأساسية، وعلى رأسها الماء الذي يُعتبر أساس كل أشكال الحياة التي نعرفها.


قلب الاكتشاف: الكوازار العملاق APM 08279+5255


المفاجأة الكبرى تمركزت حول **كوازار** هائل يعرف باسم APM 08279+5255، وهو نوع خاص من المجرات النشطة التي تحتوي في مركزها على **ثقب أسود فائق الضخامة**. هذا الثقب يعادل وزنه نحو 20 مليار مرة حجم الشمس، ويطلق إشعاعات تعادل طاقة ألف تريليون شمس مجتمعة. وسط هذا العنف الكوني، سجّل العلماء وجود خزان ضخم من بخار الماء يلف الكوازار، ما شكّل حدثاً فلكياً فريداً.

وهنا يتضح أن علاقة الكوازارات بالماء ليست مجرد مصادفة، بل إشارة إلى بيئات كونية خصبة بالغازات يمكن أن تلعب دوراً أساسياً في تكوين النجوم والكواكب.


تفاصيل بيئية غير مسبوقة


الخزان المائي يتصف بخصائص مذهلة: تصل حرارته إلى ما يقارب -81 درجة فهرنهايت، وهي أدفأ بنحو خمس مرات من حرارة السُحب الغازية المعتادة في المجرات. ليس ذلك فحسب، بل إن كثافة الغاز حوله تعادل مئة ضعف ما يوجد في السحب العادية، ويمتد عرضه لمئات السنين الضوئية. هذه الشروط تحدث بفعل إشعاعات الأشعة السينية والأشعة تحت الحمراء التي يصدرها الكوازار نفسه.

والجدير بالذكر أن هذه الظروف تسمح للعلماء باستخدام بخار الماء كـ **مؤشر فيزيائي** على ما يدور في هذه المناطق البعيدة، مما يجعل هذا الخزان أشبه بـ"مختبر طبيعي" لدراسة تطور المجرات والثقوب السوداء.


الماء في أنحاء الكون


لكن هذا الاكتشاف لا يأتي معزولاً عن ملاحظات أخرى. فقد سبق أن رصد العلماء جزيئات الماء في سحب نجمية بقرب **سديم الجبار**، وكذلك في أقراص الغاز المحيطة بنجوم فتية مثل النجم PDS 70. حتى الأجرام الصغيرة مثل **المذنبات** و**الكويكبات** برهنت على أنها حاملة كميات كبيرة من الجليد، كما ظهر في دراسة المذنب 67P الذي عاينته وكالة الفضاء الأوروبية.

وبالتوازي، أظهرت أبحاث على بعض الكواكب الخارجية مثل **K2-18b** وجود بخار ماء في غلافها الجوي، ما يؤكد أن الماء ليس عنصراً محصوراً بكوكب الأرض بل لبنة كونية متكررة.


ماذا يعني لنا ذلك؟


وجود خزان بهذه الضخامة في عمق الكون يفتح الباب أمام أسئلة كبرى: كيف تكوّن الماء في مثل هذه الحقبة المبكرة من عمر الكون؟ وهل يمكن أن تكون مثل هذه "المحيطات الكونية" مصدراً لتغذية النجوم والكواكب بالحياة؟

هذا الكشف يعيدنا إلى جوهر الفكرة: أن **الماء هو العمود الفقري للحياة**، سواء على الأرض أو في أعماق بعيدة من الكون حيث لا نزال نكتشف أسراره.

ذو صلة

في الخلاصة، يعكس هذا الاكتشاف ليس فقط ضخامة الكون بل أيضاً وحدته وتكرار عناصره في كل مكان. إنه يقرّب العلماء خطوة جديدة نحو فهم أصل الحياة ويفتح مجالاً للتفاؤل بوجود عوالم مأهولة في أماكن لم نتخيلها من قبل.

ذو صلة