ذكاء اصطناعي

85 بحيرة سرّية تحت جليد أنتاركتيكا… قنابل موقوتة تهدد الكوكب!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

اكتُشفت 85 بحيرة جوفية جديدة تحت جليد القارة القطبية الجنوبية.

استخدام القمر الصناعي CryoSat-2 أرشد إلى اكتشاف هذه البحيرات.

تمتاز هذه البحيرات بأنها ديناميكية تتحرك ببطء وتمتلئ وتفرغ.

تشكل البحيرات جزءاً من نظام مائي مترابط يؤثر على تدفق الجليد.

هذه الاكتشافات قد تؤثر على ارتفاع مستوى البحار مستقبلاً.

قد تبدو القارة المتجمدة في أقصى الجنوب مجرد صحراء ثلجية صامتة، لكن ما تخفيه تحت طبقاتها السميكة يُعيد كتابة فهمنا لكوكب الأرض. فقد أعلن فريق بحثي دولي عن اكتشاف **85 بحيرة جوفية جديدة** مدفونة أسفل الجليد العميق في **أنتاركتيكا**، ليضيف بذلك زيادة قدرها 58% على عدد البحيرات النشطة المعروفة سابقاً.

هذا التطور المذهل جاء ثمرة تحليل بيانات جمعتها وكالة الفضاء الأوروبية عبر قمرها الصناعي **CryoSat-2** على مدى عقد كامل.

وهنا تبرز أهمية هذه التقنية لأنها لا تكتفي برصد سطح القارة من الأعلى، بل تكشف لنا ما يحدث في أعماقها المظلمة.


بحيرات تتحرك في الخفاء


المفاجأة الكبرى أن هذه البحيرات ليست جليدية جامدة كما كان يُعتقد، بل هي أنظمة **مائية ديناميكية** تتحرك وتتنفس ببطء. فهي تمتلئ وتفرغ على فترات طويلة تمتد لأشهر أو سنوات، وهو ما يتسبب في تغيّر طفيف لكنه قابل للرصد في مستوى سطح الجليد فوقها. بفضل الأقمار الصناعية وأجهزة قياس الارتفاع بالرادار، أصبح العلماء قادرين على ملاحظة هذه التموجات الدقيقة.

هذا الربط بين حركة المياه أسفل الجليد وسلوك الصفائح الجليدية الضخمة يكشف كيف يمكن للماء أن يقلل الاحتكاك بين الثلج والصخور، ما يجعل تدفق الجليد نحو السواحل أسرع وأكثر خطورة على ارتفاع مستوى البحار.


شبكات مائية مترابطة


الدراسة لم تكتف بتسجيل بحيرات منفردة، بل أشارت أيضاً إلى وجود **خمسة أنظمة مائية مترابطة** تعمل كشبكات تحت الجليد. وهذه الشبكات تجعل القارة القطبية الجنوبية أقرب إلى كائن حي ينبض بالماء من داخلها، بدلاً من أن تكون أرضاً متجمدة ساكنة.

وهنا نجد رابطاً مباشراً مع ما قد يحدث في أكبر بحيرة خفية في القارة، وهي **بحيرة فوستوك**، التي تقع تحت أربعة كيلومترات من الثلج وتُشبه في حجمها بحيرة تملأ الأخدود العظيم في الولايات المتحدة. فإذا ما حدث تغير مفاجئ في استقرارها، فقد تكون لذلك آثار هائلة على حركة الصفائح الجليدية والمحيطات.


تهديد يطال مستويات البحار


العلماء يحذرون من أن هذه البحيرات ليست مجرد فضول جيولوجي، بل عامل أساسي في التوازن العالمي. فالمياه التي تتحرك من الداخل يمكن أن تقرر وتيرة انزلاق الجليد إلى البحر، وبالتالي تحدد **إيقاع ارتفاع مستوى المحيطات**. وبما أن النماذج المناخية الحالية لم تدرج بعد هذا العامل، فإن إدخال بيانات جديدة حول هذه البحيرات سيجعل تقديرات المستقبل أكثر دقة.

هذا الربط بين الاكتشافات الجديدة والنماذج المناخية يؤكد أن ما يحدث في عمق القارة المتجمدة يمكن أن ينعكس على السواحل المأهولة في قارات بعيدة مثل آسيا وأفريقيا.


العلم يفتح نافذة على المجهول


في النهاية، يعتبر هذا الاكتشاف نافذة جديدة على واحدة من أكثر البيئات غموضاً وهشاشة على كوكبنا. كما أنه يبرز الدور الحاسم للتكنولوجيا الفضائية في رصد التحولات الخفية التي لا يمكن للعين المجردة أن تراها. ومع كل بحيرة تُضاف إلى الخريطة، يتضح أن **أنتاركتيكا ليست صامتة كما كنا نظن**، بل هي مسرح لحركة مائية ضخمة وخفية قد تعيد تشكيل سواحل العالم خلال العقود القادمة.

الخلاصة أن ما تحت الجليد ليس مجرد مياه محبوسة، بل قوة طبيعية متجددة قد تحدد مصير الأرض في مواجهة ذوبان الجليد وتغير المناخ.

ذو صلة

ذو صلة