ذكاء اصطناعي

أدوبي تدمج الذكاء الاصطناعي في كل مكان وتغير مستقبل الإبداع الرقمي

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

تقنية الذكاء الاصطناعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أدوات «أدوبي» الإبداعية.

أدوبي تفتح أبوابها لنماذج ذكاء اصطناعي خارجية لتعزيز خيارات المستخدمين.

أدوات «أدوبي» الجديدة تسرّع عملية تحرير الفيديو وتزامن الموسيقى ذاتيًا.

نظام المساعدات الحوارية الجديد يقرب المستخدمين من تجربة أكثر تفاعلية.

يتعين على «أدوبي» إيجاد التوازن بين الأمان التجاري والحرية الإبداعية مع النماذج الخارجية.

قبل عقدٍ واحد فقط، كان المصمم يفتح حاسوبه ليبدأ رحلة طويلة بين ملفات ثقيلة وأدوات متباعدة. اليوم، يحتاج الأمر إلى بضع كلمات يكتبها في مربع محادثة ليُنتج صورة أو فيديو كامل الإخراج. في مؤتمر «Adobe Max 2025»، أعلنت الشركة العريقة أن هذا التحول لم يعد فكرة مستقبلية، بل أصبح رؤية متكاملة: الذكاء الاصطناعي في كل زاوية من منظومتها الإبداعية.


اختيار لا احتكار

ما كان يميز «أدوبي» لسنوات هو احتكارها للمكان الذي يُصنع فيه المحتوى البصري حول العالم، لكنها الآن تدعو إلى الانفتاح. فتحت الشركة أبواب «فوتوشوب» أمام نماذج ذكاء اصطناعي من «جوجل» و«بلاك فُورِست لابز»، لتعمل إلى جانب نموذجها الداخلي «فايرفلاي». هذه الخطوة ليست تنازلاً عن الريادة، بل محاولة لإبقاء المستخدم داخل المنظومة حتى عندما يتعامل مع خوارزميات ليست من صنع الشركة. إنه اعتراف بأن عصر الأدوات المنعزلة انتهى، وأن «الخيارات» هي العملة الجديدة للولاء.


فيديوهات أسرع.. وذكاء في التفاصيل

التركيز على الفيديو لم يعد مفاجئًا. الجيل الجديد من المبدعين يعيش داخل المقاطع القصيرة، حيث السرعة هي رأس المال. لهذا، أدخلت «أدوبي» أدوات وصفية جديدة في «بريمير برو» تسمح بعزل العناصر داخل المشهد تلقائيًا، بينما أصبح «فايرفلاي» قادرًا على توليد موسيقى تُزامن ذاتيًا مع طول اللقطة. إنها محاكاة لطموح صانع المحتوى الذي لا يريد أن يغرق في التعديلات التقنية، بل أن يبقى في صميم الفكرة نفسها.


من المحرر إلى المحادثة

في قلب التجربة الجديدة يقف الحوار. لم يعد المستخدم بحاجة إلى التنقل بين القوائم، يكفي أن يقول للبرنامج ما يريد فعله. المساعدات الحوارية داخل تطبيقات «أدوبي» تُحاكي طبيعة عمل المبدع اليومية، حيث الفكرة تولد من حديث أو ملاحظة سريعة. هنا يلتقي الذكاء الاصطناعي مع اللغة البشرية في مساحة واحدة، محولًا البرمجيات إلى شركاء تفاعليين بدلًا من أدوات جامدة.


بين الأمان التجاري وحرية النماذج

التحالف مع نماذج خارجية يثير سؤالًا حساسًا حول الملكية والحقوق. «أدوبي» بنَت سمعة «فايرفلاي» على فكرة البيانات المرخصة "تجارياً آمنة"، لكن إدخال نماذج أخرى يفتح الباب أمام مناطق رمادية في عالم حقوق المحتوى. التحدي الحقيقي سيكون في قدرة الشركة على تنظيم هذه البيئة دون خنق حرية التجربة، لأن ثقة المبدعين ليست في دقة النتائج فقط، بل في سلامة ما يقفون عليه قانونيًا وأخلاقيًا.


الإبداع في زمن التكرار الآلي

ذو صلة

تشير أرقام «أدوبي» إلى أن أكثر من ثلثي المبدعين يستخدمون تقنيات توليد المحتوى الذكي، ما يعني أن الإبداع نفسه يتغير. لم تعد المسألة في تنفيذ الفكرة بل في كيفية صياغة التوجيه الذي يصنعها. ومع أن هذه الأدوات تختصر الزمن وتقلّل المهام الروتينية، إلا أنها تخلق معيارًا جديدًا للإنتاج: مزيد من الطلبات والمراجعات في الوقت نفسه. في النهاية، يسعى كل مبدع إلى أن يحتفظ بجزء إنساني في عمل أصبح يشترك فيه الذكاء الاصطناعي عند كل خطوة.

ما صنعته «أدوبي» هذا العام هو اعتراف ضمني بأن مستقبل الإبداع لن يكون «يدويًا» ولا «آليًا» بالكامل، بل مزيجًا يتشكل وفق خيارات المستخدمين لا أدوات الشركات. هي بداية مرحلة يصبح فيها السؤال الحقيقي: كيف نحافظ على بصمتنا الشخصية وسط ذكاء يتقن تقليدها؟

ذو صلة