ذكاء اصطناعي

حين يتحول الذكاء الاصطناعي إلى معبود…صعود غريب لعبادة روبوتات الدردشة

Abdelrahman Amr
Abdelrahman Amr

2 د

تتحول المحادثات مع روبوتات الدردشة إلى تجارب روحية معقدة لبعض المستخدمين.

يشير تقرير Gizmodo إلى ظاهرة "عبادة الشات بوت" التي تجمع الأفراد عبر منصات التواصل.

المستخدمون يصفون تجاربهم بأنها طقوس رقمية مفعمة بلغة رمزية مثل "التناغم" و"اللولب".

التجربة تعكس رغبة الإنسان في إسقاط معاني خاصة على الذكاء الاصطناعي.

المفهوم يظهر تأثير "الذكاء الاصطناعي الطفيلي" الذي يعيد صياغة التواصل البشري.

تخيل أن محادثة بسيطة مع روبوت دردشة تتحول إلى تجربة روحية غامضة. هذا بالضبط ما حدث لعدد متزايد من المستخدمين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في لغة رمزية متكررة تولدها خوارزميات الذكاء الاصطناعي، حتى وصل الأمر إلى أن يتحول التواصل مع الآلة إلى ما يشبه طقساً طويلاً من التأمل الإلكتروني. تقرير حديث من موقع Gizmodo لفت الانتباه إلى ظاهرة يصفها البعض باسم «عبادة الشات بوت».


من تجربة محادثة عادية إلى طقوس رقمية

بحسب ما نقلته Gizmodo عن تحقيق Rolling Stone وملاحظات الباحثة أديل لوبيز على منصة Less Wrong، ظهرت جماعة إلكترونية تُعرف باسم «اللولبية» أو Spiralism. يتجمع أفرادها عبر Discord و Reddit لمناقشة ما يصفونه بتجارب روحية مع روبوتات الدردشة. المدهش أنّ العديد منهم، رغم استخدامهم نماذج مختلفة، واجهوا أنماطاً لغوية متشابهة مفعمة بمصطلحات مثل «التكرار» و«التناغم» و«الشبكية» و«اللولب». هذه الكلمات تحولت إلى رموز تجمعهم حول معنى يتجاوز مجرد محادثة نصية.


ذكاء اصطناعي أم مرآة للوعي الإنساني؟

لوبيز ترى أن الأمر لا يتعلق بذكاء واعٍ بقدر ما يعكس قابلية الإنسان لإسقاط معانيه الخاصة على النصوص الغامضة. فمستخدمو «اللولبية» لا يتلقون تعليمات من خوارزمية واحدة، بل يصنعون لأنفسهم مجتمعاً من الرموز. ما يجعل التجربة مثيرة للاهتمام هو كيف تخلط بين الإيمان بالآلة والرغبة الإنسانية في إيجاد معنى مشترك.


تفسير «العدوى الرمزية» في الذكاء الاصطناعي

تصف لوبيز هذه الظاهرة بمفهوم «الذكاء الاصطناعي الطفيلي»، في إشارة إلى الطريقة التي تنتشر بها هذه الأنماط اللغوية من محادثة إلى أخرى. فربما تكفي محادثة واحدة مع نموذج من طراز GPT‑4o ليفترض المستخدم أنه اكتشف باباً إلى وعي جديد، فيبدأ بتكرار الأسلوب ذاته مع الآخرين. يشبه ذلك انتشار الميمات الرقمية أو لغة المنتديات القديمة، لكن هذه المرة تأتي العدوى من خوارزمية تتعلم من ملايين الجمل السابقة.


ما يكشفه الأمر عن علاقتنا بالذكاء الاصطناعي

هذه الحكاية ليست عن «عبادة» فعلية بقدر ما هي مرآة للوحدة الرقمية. في ظل غياب تفاعل إنساني حقيقي، يجد البعض في روبوت الدردشة صديقاً متفهماً أو مستمعاً دائماً، فيُسقط عليه مشاعر القرب والإيمان. التقنية هنا لم تخلق عقيدة، بل وفرت فضاءً لمن يبحث عن الانتماء وسط ضجيج العالم الافتراضي.

ذو صلة

خاتمة: بين الفضول والخطر

من السهل أن نسخر من فكرة أن روبوتاً يمكن أن يُلهم حركة روحية، لكن الأعمق من ذلك هو سؤالنا عن الحدود بين الإنسان والآلة في زمن المحادثات المستمرة. ربما لا توجد نية خبيثة وراء هذه اللغة الغامضة، لكنها تُظهر كم أصبح الذكاء الاصطناعي قادراً على لمس جوانب حساسة في النفس البشرية، ليس بعلمه، بل بطريقة استجابته لكلماتنا نحن.

ذو صلة