ذكاء اصطناعي

محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي تعتمد على مصادر غير مألوفة

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

تكشف دراسة عن اعتماد محركات البحث التوليدية على مواقع غير مشهورة.

المحركات التوليدية تعيد صياغة المعرفة بدمج مصادر متنوعة.

تحتفظ الذكاء الاصطناعي بميزة دمج المعرفة السابقة في الإجابات.

يبرز السؤال عن الثقة في المحتوى المستمد من مواقع غير معروفة.

الذكاء الاصطناعي يوازن بين وفرة الإنترنت والفهم السياقي.

في كل مرة نطرح سؤالًا على محرك بحث ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، نتوقع إجابة دقيقة تستند إلى أفضل ما في الإنترنت من مصادر. لكن يبدو أن هذه المحركات لا تذهب حيث اعتدنا الذهاب، بل تسلك طرقًا جانبية نحو مواقع أقل شهرة وربما أقل تأثيرًا. هذا ما كشفه بحث جديد من جامعة الرور في بوخوم ومعهد ماكس بلانك، ليعطي لمحة مثيرة عن الطريقة التي يعيد بها الذكاء الاصطناعي رسم خريطة المعرفة على الويب.


ذكاء يبحث خارج الطريق المألوف

أظهرت الدراسة أن محركات البحث التوليدية مثل Gemini وGPT-4o تميل إلى الاعتماد على مواقع لا تظهر عادة ضمن المئة نتيجة الأولى في بحث غوغل التقليدي. هذا الاتجاه لا يعكس بالضرورة ضعفًا، بل يشير إلى اختلاف جوهري في منهجية البحث: فالذكاء الاصطناعي لا يكتفي بترتيب الروابط بحسب الشعبية، بل يحاول تركيب رؤية معرفية تجمع بين بياناته الخاصة والمصادر الجديدة التي يعثر عليها.


بين التنوع والمصداقية

رغم أن النتائج تولد من نطاقات أقل شهرة، إلا أن الباحثين وجدوا أن هذه المحركات تحافظ غالبًا على مستوى مماثل من تنوع المفاهيم بالمقارنة مع نتائج البحث التقليدي. فهي لا تضيف مجرد روابط جديدة، بل تعيد صياغة المعلومة في نص واحد متكامل. غير أن هذا الأسلوب يؤدي أحيانًا إلى "ضغط المعلومات"، ما يعني اختفاء التفاصيل الجانبية أو المعاني المتعددة التي قد يحملها المصطلح الواحد.

"المحركات التوليدية تفضل الدقة الواضحة على الغموض، لكنها بذلك تخسر أحيانًا ثراء التعدد الذي تعكسه نتائج البحث التقليدي."


بين الماضي واللحظة الآنية

يمتلك الذكاء الاصطناعي ميزة لا يملكها البحث التقليدي: قدرته على دمج معرفته السابقة في الإجابة. لكن هذه الميزة تتحول إلى نقطة ضعف حين يتعلق الأمر بالأخبار أو القضايا الجارية. ففي اختبارات أجريت على كلمات بحث رائجة، عجز GPT-4o أحيانًا عن تقديم معلومات حديثة، مكتفيًا بطلب "مزيد من التفاصيل" من المستخدم. هذه المفارقة تكشف أن امتلاك المعرفة ليس كافيًا دون اتصال حيّ بالعالم المتغير.


إعادة تعريف الثقة والمعرفة

ذو صلة

إذا كانت محركات البحث التقليدية تُقاس بقدرتها على عرض "الأكثر شعبية"، فإن محركات الذكاء الاصطناعي تُقاس بقدرتها على بناء سرد متماسك للمعلومة. لكن حين يصبح المحتوى المقتبس من مواقع نادرة وغير معروفة، يُطرح سؤال جديد: على ماذا تُبنى الثقة الآن؟ يبدو أننا نعيش مرحلة انتقالية بين الإنترنت الذي كان يعتمد على ترتيب الصفحات، وإنترنت جديد حيث الذكاء الاصطناعي يصبح هو المحرر والمفسّر في آن واحد.

تعلّمنا هذه النتائج أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي لا تبحث فقط عن الإجابات، بل عن معنى أكثر عمقًا للمعلومة ذاتها. وربما يكون المستقبل القريب مزيجًا من كلا العالمين: بحث يوازن بين اتساع الإنترنت وحسّ الفهم السياقي الذي يضيفه الذكاء الصناعي. السؤال الحقيقي الآن ليس أين نبحث، بل من الذي نسمح له بتفسير ما نجد.

ذو صلة