ذكاء اصطناعي

أدوات أستخدمها وأخرى ابتعد عنها في البحث والبرمجة | بعضها يتفوق على ChatGPT

مصطفى يسري
مصطفى يسري

4 د

تجربة عملية لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة في الكتابة والبرمجة والبحث.

مقارنة بين ChatGPT وClaude وGemini وNotebookLM من حيث الأداء والغاية.

توضيح دور الأدوات المفتوحة المصدر مثل Karakeep في خفض التكاليف وتحسين التنظيم.

تجربة الذكاء الاصطناعي الصوتي المحلي مع Paraspeech لحماية الخصوصية.

الخلاصة: الذكاء الاصطناعي منظومة تكاملية لا أداة واحدة، والوعي بالاستخدام أهم من التعدد.

.

حين بدأت أتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي قبل عام، كنت مثل كثيرين أظن أن ChatGPT هو الإجابة لكل شيء. نصوص، أكواد، أفكار، خطط تسويق... كنت أكتب السؤال وأنتظر المعجزة. لكن مع الوقت اكتشفت أن الذكاء الاصطناعي لا يُختزل في نموذج واحد، وأنّ لكل أداة "شخصية" ومجال تفوّق مختلف. هنا بدأت رحلتي في اختبار النماذج واحدة تلو الأخرى، لا كمستخدم عابر، بل كصانع محتوى ومبرمج يريد معرفة أين تبرع كل أداة ومتى تخذلني.


البداية: فهم الفكرة قبل الأداة

في البداية كنت أخلط بين التطبيق والنموذج نفسه. كنت أظن أن ChatGPT هو الذكاء الاصطناعي ذاته، لكن الحقيقة أن النموذج هو "المحرّك العقلي" خلف التجربة، بينما التطبيق مجرد واجهة لتسهيل التفاعل معه. أدركت أن فهم الغرض من النموذج أهم من معرفة اسمه. فـ GPT-5 ليس بديلًا عن Claude 4 أو Gemini 3، بل لكل واحد منهم بيئة يفكر فيها بطريقة مختلفة.


NotebookLM من جوجل: عندما صار البحث محادثة

أكثر تجربة غيّرت نظرتي كانت مع NotebookLM من جوجل، وهو نظام يعتمد على نموذج Gemini. لم أستخدمه فقط لتلخيص النصوص، بل جعلته "زميلي في البحث". أرفع إليه ملفات دراسات أو تقارير تقنية طويلة، ثم أبدأ الحديث معه: "اشرح لي الفكرة خلف هذا النموذج"، أو "ما الفرق بين هذا النهج والمقاربة القديمة؟". في لحظات، يردّ عليّ بتحليل منطقي، صوتي أحيانًا، يجعلني أشعر وكأنني في نقاش حيّ مع باحث يشرح لي الفكرة من جذورها. هذه الطريقة غيّرت تمامًا طريقة قراءتي للوثائق التقنية؛ لم أعد أبحث عن جمل جاهزة، بل عن فهم عميق لما وراءها.


البرمجة بالذكاء الاصطناعي: من “المساعدة” إلى “الوكالة”

حين بدأت أبرمج باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، استخدمت ChatGPT Plus مع نموذج GPT-5.1 في إصلاح الأكواد ومراجعة الأخطاء الصغيرة. لكنني اكتشفت لاحقًا أن هناك مستوى أعمق من المساعدة يُعرف باسم Agentic Coding، حيث تتفاعل الأداة مباشرة مع بيئة التطوير.
استخدمت Claude Code لتجارب متعددة الخطوات، مثل بناء سكربت كامل لإدارة قواعد بيانات. ما أثار إعجابي أنّ الأداة لم تكتفِ بكتابة الكود، بل كانت "تفكر معه": تقترح تحسينات، وتفكك البنية إذا شعرت بتكرار في الوظائف. هذا النوع من العمل جعلني أرى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون "مطورًا مشاركًا" لا مجرد مساعد.


تنظيم المحتوى: بين Notion وKarakeep

في عملي اليومي ككاتب ومراجع تقني، كنت أحتاج لمساحة ذكية أدوّن فيها الأفكار والمصادر دون أن أغرق في الاشتراكات.
بدأت باستخدام Notion AI لترتيب المشاريع وتوليد الأفكار المبدئية، ثم جرّبت أداة مفتوحة المصدر اسمها Karakeep، تعتمد على واجهة OpenAI API دون رسوم شهرية.
النتيجة؟ وفّرت عليّ الكثير من الوقت والتكلفة، وأصبحت أستطيع إدارة أرشيف ضخم من المقالات والتقارير في مكان واحد، مع إمكان البحث السياقي داخل النصوص، وكأن لدي محررًا افتراضيًا يقرأ كل ما كتبته ويقترح روابط منسية بين الأفكار.


الذكاء الصوتي والخصوصية: مفارقة Paraspeech

كنت أبحث عن بديل للتطبيقات السحابية في تحويل الصوت إلى نص دون التضحية بالخصوصية، حتى اكتشفت Paraspeech، المبني على نموذج Parakeet من Nvidia.
أعجبني أنه يعمل بالكامل على جهازي المحلي دون الحاجة للاتصال بالسحابة. استخدمته لتسجيل أفكاري أثناء القيادة أو مراجعة المقالات الشفوية، وكل شيء يتم لحظيًا على الحاسوب.
النتيجة لم تكن فقط سرعة في الأداء، بل راحة نفسية في معرفة أن بياناتي الصوتية لا تغادر جهازي. هذه التجربة جعلتني أرى أن الذكاء الاصطناعي لا يعني بالضرورة “الإنترنت”، بل يمكن أن يكون أداة شخصية بالكامل.


عمق البحث مع ميزة Deep Research

حين جرّبت ميزة Deep Research ضمن أدوات OpenAI الحديثة، استخدمتها لصياغة وثيقة تسويقية كاملة انطلاقًا من كود برمجي معقد.
ما حدث فاجأني: لم تكتب الأداة نصًا جاهزًا، بل أعادت صياغة الفكرة خلف الكود، وفسّرت المنطق التجاري وراءه. في أقل من ساعة، كان بين يدي ملف يقدم رؤيا تسويقية كاملة لمنتج تقني — نتيجة كنت سأحتاج يومًا كاملًا لإنجازها يدويًا.

هذه التجربة علّمتني أن قوة الذكاء الاصطناعي لا تكمن في "كمّ النصوص" التي ينتجها، بل في "المنظور" الذي يمنحه. كل أداة تتعامل مع البيانات بطريقة مختلفة، وكل واحدة منها تفتح زاوية جديدة للفهم.


خلاصة التجربة: لا أداة تكفي وحدها

ذو صلة

بعد أشهر من التجارب اليومية، وصلت إلى قناعة بسيطة: لا يوجد نموذج يفعل كل شيء.
أستخدم ChatGPT للتحليل المنطقي وصياغة الأفكار، وGemini للبحث العميق والفهم السياقي، وClaude حين أحتاج لأسلوب كتابي طبيعي ومتوازن.
الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة بل منظومة متكاملة؛ كل نموذج يعزّز الآخر، مثل أعضاء فريق متفاهم. السرّ ليس في اختيار الأفضل، بل في معرفة متى تستخدم كل واحد منهم، وكيف تجعلهم يعملون معًا.

في النهاية، تعلمت أن الذكاء الاصطناعي لا يختصر الوقت فقط، بل يعيد تعريف الطريقة التي نفكر بها. وكلما فهمت شخصيات هذه النماذج أكثر، اقتربتُ خطوة من استخدام التقنية بوعي، لا بإعجاب فقط.

ذو صلة