ذكاء اصطناعي

أمازون تمهد لعصر جديد: 600 ألف وظيفة بشرية مهددة بالاستبدال بالروبوتات

مصطفى يسري
مصطفى يسري

2 د

قبل بدء العمل، تستخدم أمازون ذراعًا آليًا لالتقاط ونقل الطرود بكفاءة.

تخطط أمازون لأتمتة واسعة قد تؤثر على نصف مليون وظيفة مستقبلاً.

ستمكن الروبوتات الشركة من خفض التكاليف ورفع الكفاءة بنسبة 75%.

تحليل يكشف توفير أربعة مليارات دولار سنويًا بفضل الأتمتة.

تشير دراسات إلى تأثير الروبوتات على الرواتب وفرص العمل البشرية.

قبل أن يبدأ العمال يومهم في أحد مستودعات أمازون اللامعة والمزدحمة، هناك ذراع آلية تتحرك بدقة لالتقاط صندوقٍ صغير وتسليمه إلى ناقلٍ ضوئي دون أن تتوقف للحظة. ما بدا في الأمس مشهدًا من الخيال العلمي أصبح اليوم عنوانًا لتغير جوهري في أكبر الشركات اللوجستية في العالم: أمازون تمضي بخطة قد تعيد رسم العلاقة بين الإنسان والآلة داخل بيئة العمل.


تحول رقمي يقود نحو أتمتة واسعة

وفقًا لتقارير صدرت حديثًا، من بينها تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، تخطط أمازون لاعتماد الروبوتات بعمق في عملياتها، وقد يتجاوز التأثير نصف مليون وظيفة مستبدلة بحلول العقد القادم. الشركة لا تنكر توسعها في التقنيات المؤتمتة، لكنها تفضل استخدام مصطلحات أكثر ودًا مثل "التقنيات المتقدمة" أو "الروبوتات التعاونية". خلف هذا التلطيف اللغوي تكمن معادلة معقدة تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والهواجس الاجتماعية.


الإنسان في زمن الكفاءة القصوى

أتمتة 75% من عمليات أمازون تعني تغييرًا جذريًا في نمط العمل الذي يعتمد عليه ملايين الموظفين حول العالم. فبينما تَعِد الروبوتات بدقة أعلى وتكاليف أقل، تطرح هذه الخطوة سؤالًا مستمرًا عن مصير العامل البشري في منظومة تُقاس قيمتها بالإنتاجية لا بالانتماء. بعض المراقبين يرون أن الشركة تسعى لتخفيف الصدام المجتمعي عبر المشاركة الرمزية في فعاليات محلية، في محاولة لتأكيد دورها كمؤسسة "جيدة المواطنة".


الربحية أولًا... لكن بأي ثمن؟

تحليلات اقتصادية صادرة عن CNBC تشير إلى أن أمازون قد توفّر نحو أربعة مليارات دولار سنويًا بفضل الأتمتة. من الناحية التجارية، هذا رقم مغرٍ للغاية، لكن على الصعيد الإنساني، يمثل انتقالًا صعبًا في سوق العمل الأمريكي حيث يظل أكثر من مليون ونصف المليون شخص مرتبطين بوظائف داخل منظومة الشركة. انكفاء أمازون على نهجها التقني يضعها بين مطرقة الكفاءة وسندان المسؤولية الاجتماعية.


بين الخوف والأمل

لطالما قاد الابتكار مسار التاريخ الصناعي، لكن وتيرته اليوم أسرع من أن تمنح العمال فرصة لإعادة التكيّف. تشير دراسات أكاديمية إلى أن كل روبوت جديد يُضاف إلى القوى العاملة يقلص الأجور ويقلل فرص العمل البشرية بنسبة ملموسة. ومع ذلك، قد تفتح التحولات نفسها مجالات جديدة لوظائف أكثر معرفة وتخصصًا، شريطة أن تُستثمر الأرباح في تدريب البشر لا في التخلص منهم.

ذو صلة

المستقبل بين يديّ الخوارزميات

إذا مضت أمازون في خطتها حتى عام 2033، ستكون التجربة نموذجًا لباقي الشركات الكبرى في كيفية موازنة الذكاء الاصطناعي مع القيم الإنسانية في بيئة العمل. فالقضية ليست مجرد استبدال العمال، بل فهم أكبر عن معنى الإنتاج حين لا يعود الإنسان مركز العملية. ربما يكمن التحدي الحقيقي ليس في بناء روبوت يفكر مثل الإنسان، بل في الحفاظ على الإنسان ضمن معادلة الربح والكفاءة.

ذو صلة