أبل تستعد لتغيير كبير في هيكلها الإداري … والسبب “سيري”

3 د
تبحث أبل عن بديل لرئيس قسم الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا.
تأتي الخطوة ضمن إعادة هيكلة أوسع داخل الشركة استعدادًا لتحديات الذكاء الاصطناعي.
مشروع Apple Intelligence يواجه تحديات توسع ودعم لغوي محدود.
هل تنتقل أبل نحو "الإبداع التوليدي المفتوح" مع التخلي عن "الخصوصية أولاً"؟ تهدف أبل إلى تحقيق توازن بين الخصوصية والابتكار في الذكاء الاصطناعي.
بدأت شركة أبل خطوة تنظيمية جديدة داخل هيكلها التنفيذي مع إعلان تقارير اقتصادية متعددة أن الشركة تبحث عن بديل لرئيس قسم الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا، الذي تولى هذا المنصب منذ عام 2018 بعد انتقاله من غوغل. يشير هذا التحرك إلى رغبة واضحة لدى أبل في إعادة تقييم استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها الشركة في تحسين قدرات مساعدها الصوتي سيري والتكامل العام لتقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها.
إعادة هيكلة تمتد إلى ما هو أبعد من المناصب
بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ (اطلعت عليه عدة وسائل إعلام)، فإن الخطوة تأتي ضمن عملية إعادة هيكلة واسعة استعدادًا لتقاعد مدير العمليات جيف ويليامز. وقد تم نقل أقسام الصحة واللياقة إلى فريق الخدمات الذي يقوده إدّي كيو، فيما أصبحت مسؤوليات ساعة أبل ووتش تحت إشراف إدارة جديدة.
لكن المثير للاهتمام هو أن البحث عن بديل لجون جياناندريا لم يُدرج في إطار “تدوير إداري” فحسب، بل يتّضح أنه يحمل بعدًا استراتيجيًا في سياق سباق الشركات الكبرى على قيادة الذكاء الاصطناعي.
تحدي الذكاء الاصطناعي داخل أبل
يشهد قسم الذكاء الاصطناعي في الشركة منذ فترة حالة من عدم الاستقرار، انعكست في بطء تطوير مساعد سيري مقارنة بتطورات مثل ChatGPT من أوبن أي آي وكلاود من أنثروبيك، بحسب متابعين في المجال. ورغم إعلان الشركة في منتصف 2024 عن مشروع Apple Intelligence، الذي عُدّ محاولة جديدة لتضمين قدرات توليدية محسّنة داخل النظام، إلا أن إطلاقه المحدود ضمن أجهزة مختارة كشف عن أن البنية التقنية واللغوية ما زالت تمر بمرحلة تهيئة طويلة.
- مشروع Apple Intelligence ما زال يعتمد على دعم أمريكي أولي فقط، دون توسع رسمي في باقي اللغات.
 
- فريق جياناندريا شهد مغادرة شخصيات تقنية بارزة خلال العام الماضي.
 
- الشركة أجرت تجارب ميدانية أولية لتطبيق نماذج “RAG” (الاسترجاع المعزّز بالمعرفة) لدمج نتائج البحث في سيري.
 
- خطة إدخال أدوات التخصيص المتقدمة مؤجلة إلى التحديثات السنوية التالية.
 
ما وراء القرار: صراع الرؤية والنتيجة
جياناندريا كان أحد أهم العقول التي ساهمت في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في محرك بحث غوغل وخدماتها المتعددة، وكان انضمامه إلى أبل آنذاك إشارة إلى انتقال طموح الشركة إلى مستوى جديد. ومع ذلك، فإن النمو البطيء لقدرات منتجات أبل في الذكاء الاصطناعي وضع الإدارة الحالية أمام سؤال صعب: هل تحتاج الشركة إلى قيادة جديدة تغيّر فلسفتها في المجال من “تحسين الخصوصية أولًا” إلى “الإبداع التوليدي المفتوح”؟
ولعلّ البحث المزعوم عن بديل من خارج الشركة، ربما من بين قادة الذكاء الاصطناعي في «ميتا» أو شركات أخرى، يعبّر عن استعداد أبل لإعادة رسم خطوط استراتيجيتها التقنية بالكامل.
توصيف بلومبرغ للبحث عن "رؤية جديدة للقسم" يشير إلى تحوّل أكثر من كونه تبديلًا إداريًا.
تأثير محتمل على السوق وتوجهات المنافسة
في الوقت الذي تتفاخر فيه شركات مثل مايكروسوفت وميتا بسرعة تنفيذ تكاملات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها الاستهلاكية، تحاول أبل الحفاظ على توازن دقيق بين الخصوصية وبين منافسة تلك السرعة. ويعدّ هذا القرار (إن تم رسميًا) مؤشرًا على إعادة ترتيب أولوياتها التقنية التي شهدت سابقًا تغيّرات مماثلة بعد مشاريع مثل “سيارات أبل” و”Reality Vision Pro”.
لم يكن اهتمام الشركة بإعادة الهيكلة مفاجئًا بالنظر إلى أهدافها القادمة في تقديم واجهات استخدام أكثر "وعياً بالمستخدم" من خلال سياقات ذكية تعلّمية محلية (On-Device AI)، وهي مسألة تتطلب خبرات مختلفة عن النماذج السحابية الشاملة.
خطوة في الطريق إلى ذكاء اصطناعي بصبغة أبل
لا تزال أبل ملتزمة بعدم التسرّع في إطلاق أدواتها الذكائية قبل ضمان الامتثال الكامل لمعايير الأمان والخصوصية التي تشكّل هوية الشركة. ومع ذلك، فإن تأخرها النسبي في هذا السباق قد يدفعها لتبنّي قيادة أكثر جرأة تُوازن بين نزعة الحذر التقني والدافع الابتكاري.
إن إعادة هيكلة قسم الذكاء الاصطناعي ليست مجرد مراجعة لأداء مدير واحد، بل تبدو أقرب إلى لحظة مراجعة فلسفية لطريقة تعامل أبل مع الذكاء الاصطناعي كهوية ومنتج معًا. والسؤال الأهم هو: هل تستطيع الشركة أن تبقى حارسة الخصوصية وفي الوقت نفسه منافسًا حقيقيًا في عصر يعمل على خوارزميات منفتحة؟









