ذكاء اصطناعي

رحيل قائد جهود البحث الذكي في آبل إلى ميتا يشعل سباق الذكاء الاصطناعي بين عمالقة التكنولوجيا

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

أحدث انتقال مسؤول الذكاء الاصطناعي من آبل إلى ميتا ضجة في وادي السيليكون.

تعكف آبل بصمت على تطوير محرك بحث ذكي مدمج يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تواصل ميتا استثماراتها في النماذج مفتوحة المصدر لمنافسة عمالقة الذكاء الاصطناعي.

يبرز الحدث صعوبة استقطاب المواهب وتسارع طموحات ميتا في الذكاء الاصطناعي.

تتساءل الشركات عن كيفية موازنة الخصوصية والابتكار في عصر الذكاء الاصطناعي.

أثار خبر انتقال مسؤول وحدة الذكاء الاصطناعي الذي عيّنته شركة آبل حديثًا لقيادة مشروع بحثي يشبه تقنيات ChatGPT إلى شركة ميتا ضجة كبيرة في وادي السيليكون. الخطوة المفاجئة جاءت قبل أن يباشر مهامه رسميًا، وفق ما كشفه تقرير نشره موقع بلومبرغ، ما اعتُبر مؤشرًا على اشتداد سباق المواهب في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي بين عمالقة التقنية.


مساعٍ متناقضة بين القوتين الكبريين في مجال الذكاء الاصطناعي

يأتي هذا التحول في وقت تعمل فيه آبل بصمت على تطوير محرك بحث ذكي مدمج في منظومتها، يعتمد على تقنيات الاسترجاع المعزّز بالمعرفة (RAG) والذكاء الاصطناعي المحادثي. هدف الشركة هو منافسة نماذج مثل ChatGPT وGemini، من خلال دمج التفاعل الذكي مباشرة في واجهات أجهزة iPhone وMac دون الاعتماد على خدمات خارجية.

في المقابل، تواصل ميتا تعزيز استثماراتها الضخمة في مجال النماذج مفتوحة المصدر، والتي تعدّ سلاحها الأبرز لتكريس هيمنة أوسع في مشهد الذكاء الاصطناعي. نقل الكفاءات من شركات منافسة لم يعد أمرًا طارئًا، لكنه حين يحدث بين آبل وميتا، فإنه يعكس عمق التحوّل في أولويات كل منهما.


لماذا يُعدّ هذا الانتقال مهمًا؟

  • يعطي مؤشرًا على صعوبة استقطاب المواهب في مجال النماذج اللغوية الكبرى (LLMs).
  • يكشف عن تسارع طموحات ميتا لتطويع الذكاء الاصطناعي في منتجاتها التواصلية وخدماتها الإعلانية.
  • يفضح حدود النهج المحافظ لدى آبل في إطلاق منتجات ذكاء اصطناعي علنية خوفًا على الخصوصية.
  • يعيد النقاش حول فلسفة الشركات تجاه انفتاح التقنيات مقابل تقييدها ضمن منظومات مغلقة.

باحث مستقل في علوم الحوسبة المعرفية

“الطلب على العقول القادرة على بناء نماذج لغوية فعّالة أكبر من أي وقت مضى، والتنقل بين الشركات بات لحظة تعريف لمسار الخبراء.”

وفق البيانات التي ذكرها التقرير، فإنّ رحيل الشخصية القيادية قبل مباشرة عملها يوحي بوجود فجوات تنظيمية داخل آبل في إدارة ملفات الذكاء الاصطناعي. ويعتقد محللون أن هذا يضع الشركة تحت ضغط لتسريع وتيرة إعلان حلولها الخاصة في البحث المحادثي، خصوصًا بعد إدماج أدوات من OpenAI في أحدث إصدارات أنظمة التشغيل لديها، كما تمت الإشارة إليه في مقال سابق بعنوان آبل تبدأ إدماج ChatGPT في Siri.


الذكاء الاصطناعي كإستراتيجية هوية

بينما تسعى ميتا إلى جعل الذكاء الاصطناعي ركيزة لتجربتها الاجتماعية الجديدة، لا تزال آبل تتعامل مع الذكاء الاصطناعي بوصفه عاملًا خفيًا لتحسين التجربة الفردية دون ترويج واسع. الفلسفتان تعكسان رؤيتين متقابلتين: الأولى تراهن على المشاركة والانفتاح، والثانية على الحماية والتميّز الداخلي.

من منظور اقتصادي، تشبه المعادلة ما حدث سابقًا مع أنظمة الهواتف المحمولة: من يكسب ولاء المطوّرين والبيئة الأوسع سيحافظ على الصدارة لعقد قادم. ربما تحاول ميتا البناء على أخطاء آبل، وربما تحاول آبل بناء نسختها الخاصة من الذكاء الاصطناعي "الهادئ" الذي ينجز دون ضجيج. لكن المؤكد أن المنافسة لم تعد تقتصر على الأجهزة، بل انتقلت بوضوح إلى من يتحكم في البنية المعرفية للمستقبل.

ذو صلة

يغدو تساؤل المرحلة: هل يمكن الحفاظ على توازن الخصوصية والابتكار في زمن الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ الإجابة مرهونة بقدرة الشركات على التعلّم من قراراتها السريعة اليوم، وبما ستظهره من شجاعة لابتكار مسارات تجمع بين الأمان والإلهام دون التضحية بالجوهر الإنساني للتقنية.

ذو صلة