شركة بريطانية ناشئة في الذكاء الاصطناعي تتفوق على البشر في منافسة عالمية للتوقعات

3 د
تفوقت شركة ManticAI البريطانية على متسابقين في مسابقة كأس ميتاكولوس للتنبؤات المستقبلية.
حققت ManticAI المركز الثامن، مما يبرز تطورًا ملحوظًا عن العام السابق.
تعتمد ManticAI على نموذج تقسيم المهام لعدة وكلاء وتستخدم مزيجًا من أنظمة متقدمة.
رغم تطور الذكاء الاصطناعي، لا تزال التوقعات الفائقة للخبراء البشريين تحتفظ بميزة بسيطة.
يُتوقع أن يصل الذكاء الاصطناعي إلى مستوى أفضل المتنبئين البشريين بحلول عام 2029.
أحرزت شركة بريطانية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تُدعى ManticAI مركزًا متقدمًا في مسابقة دولية للتنبؤ بالأحداث المستقبلية، متفوقة على عشرات المتسابقين البشريين بينهم خبراء محترفون. الشركة، التي أسسها باحث سابق في فريق DeepMind، حلّت في المرتبة الثامنة ضمن "كأس ميتاكولوس" (Metaculus Cup) الذي يستقطب أفضل العقول الناشطة في مجال التوقعات المستقبلية. هذا الإنجاز أثار نقاشًا واسعًا حول مدى قرب الذكاء الاصطناعي من تجاوز قدرات "المتنبئين البشر".
تفاصيل المنافسة وأبرز محطاتها
المسابقة، التي تنظمها شركة Metaculus الأمريكية، تتطلب من المشاركين تقدير احتمالية تحقق نحو 60 حدثًا عالميًا خلال فصل الصيف. تراوحت الأسئلة بين سيناريوهات سياسية معقدة مثل بقاء بعض القادة في مناصبهم، وبين أحداث بيئية مثل المساحات التي ستتأثر بحرائق الغابات في الولايات المتحدة. المؤشر الأساسي للنجاح هو دقة التوقعات عند حلول الأول من سبتمبر.
ووفقًا لما نُشر في النتائج الرسمية، جاءت "ManticAI" في المركز الثامن، وهو ما يعد قفزة لافتة إذا ما قورن بأداء النماذج الآلية قبل عام واحد فقط، حيث كانت أفضلها لا تتجاوز المرتبة الـ300.
منهجية عمل الذكاء الاصطناعي
ما يميز نظام ManticAI ليس فقط اعتماده على نماذج لغوية ضخمة (LLMs)، بل طريقة توزيع المهام على أكثر من وكيل (Agent). يتم تقسيم عملية التنبؤ إلى مراحل مثل: البحث التاريخي، تحليل اللحظة الراهنة، محاكاة السيناريوهات، ثم بناء التوقع النهائي. وتستخدم الشركة مزيجًا من أنظمة متقدمة مثل OpenAI وGoogle وDeepSeek، بحسب نقاط قوة كل واحد منها.
- القدرة على متابعة عشرات الأسئلة المعقدة في وقت واحد.
 
- إعادة التحديث اليومي للتوقعات بناءً على تدفقات الأخبار الجديدة.
 
- الخروج في بعض الأحيان عن "إجماع المتنبئين" وتقديم وجهات مختلفة تمنع ظاهرة التماثل الفكري (Groupthink).
 
“النتائج لم تعد مجرد إعادة اجترار لبيانات التدريب، بل تقترب من أن تكون تفكيرًا منطقيًا قائمًا بذاته.” - توبي شيفلين، المؤسس المشارك لـManticAI
مقارنة بين البشر والذكاء الاصطناعي
رغم هذا التقدم، لا يزال الذكاء الاصطناعي يواجه نقاط ضعف واضحة في مجالات معقدة تتطلب ربط أحداث مترابطة أو التحقق من التناسق المنطقي. خبراء في مجال "التوقعات الفائقة" مثل فيليب تيتلوك، أحد أبرز الأسماء الأكاديمية في هذا المجال، أكدوا أن الخبراء البشريين ما زالوا يحافظون على تفوق متوسط. لكن يبدو أن الهوة تضيق عامًا بعد آخر.
وبينما يرى البعض أن هذه التطورات قد تهدد مكانة المتنبئين البشريين، أشار آخرون إلى أن التكامل بين الإنسان والآلة قد يكون الخيار الأمثل، بحيث يعالج الذكاء الاصطناعي الحسابات، بينما يقدم الإنسان الحكم النوعي. للتذكير، النقاش حول "التكامل بين البشر والذكاء الاصطناعي" برز أيضًا عند استعراض إطلاق النسخة المؤسسية من ChatGPT، حيث تناقشت الشركات حول حدود الاستعانة بالذكاء الاصطناعي مقابل الخبرات البشرية.
إشارات للمستقبل القريب
تقديرات مسؤولي Metaculus تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يصل إلى التكافؤ مع أفضل المتنبئين البشريين في حدود عام 2029، وهو إطار زمني قصير نسبيًا بالنظر إلى الحساسية العالية لهذه الصناعة في مجالات التمويل والسياسة العامة. التحدي الحقيقي يكمن في قدرة هذه الأنظمة على التعامل مع البُعد غير الكمي للواقع: العلاقات الإنسانية، ديناميكيات المجتمعات، والقرارات غير المتوقعة.
قد يكون مستقبل التنبؤ أشبه بـ"ورشة عمل مشتركة"، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي على غربلة البيانات وتقديم سيناريوهات شاملة، فيما يوفر الإنسان عنصر الفهم السياقي. ومع اقتراب هذا الاحتمال، يُطرح سؤال مفتوح: هل سنشهد مستقبلاً تصبح فيه المؤسسات الكبرى أكثر اعتمادًا على "تكامل البشر والذكاء الاصطناعي" بدلاً من المراهنة على أحدهما فقط؟









