ذكاء اصطناعي

هل يصبح الذكاء الاصطناعي منصة إعلانات شخصية مصممة خصيصاً لك؟

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

يدرس OpenAI دمج الإعلانات في ChatGPT لتقديم إعلانات شخصية للمستخدمين.

يشمل النموذج التجاري الجديد دمج الذكاء بالإعلانات، رغم مقاومة الرئيس التنفيذي لها سابقًا.

تمثل ذاكرة ChatGPT أداة تجارية محتملة لتوجيه الإعلانات ورفع مستويات التخصيص.

يعكس دمج الإعلانات تأثير الثقافة التقنية على قرارات OpenAI وتحديات الثقة والخصوصية.

قد يؤدي الانتقال إلى الإعلانات لتغير جذري في العلاقة بين المستخدمين والذكاء الاصطناعي.

في مساء عادي أمام شاشة الحاسوب، يفتح المستخدم نافذة دردشة معتادة على ChatGPT، لكن ما يراه هذه المرة ليس مجرد إجابة ذكية، بل إعلان صغير مصمم خصيصًا له. المشهد يبدو وكأنه خطوة جديدة في علاقة الذكاء الاصطناعي بالاقتصاد الرقمي، حيث تمتزج المعرفة بالتمويل، والمحادثة الشخصية بالإعلان التجاري.


الذكاء الاصطناعي يدخل مرحلة الإعلانات الشخصية

وفقًا لتقرير موقع The Information، تدرس شركة OpenAI فكرة إدخال الإعلانات داخل ChatGPT، بحيث تُعرض للمستخدمين إعلانات موجهة تستند إلى ذاكرة روبوت الدردشة وما يعرفه عنهم. يبدو المشهد مألوفًا في عالم المنصات الاجتماعية، لكن غير مألوف في واجهة حوارية ذات طابع معرفي. هنا لا يتصفح المستخدم، بل يتحدث، وربما يبوح بما هو أعمق من مجرد تفضيلات شراء.

هذا التحول يعني أن النموذج التجاري لـ ChatGPT يتطور من اشتراكات مدفوعة وتجارب مميزة إلى نموذج هجين ربما يمزج بين الذكاء والإعلانات. ورغم أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، كان قد وصف الإعلانات في السابق بأنها «الملاذ الأخير»، تشير تسريبات جديدة إلى تغير في الموقف، وإلى أن «الملاذ الأخير» قد أصبح الخيار الأول.


الذاكرة كأداة تجارية جديدة

فكرة أن روبوت المحادثة يمتلك ذاكرة ليست جديدة، لكنها تأخذ اليوم منحى أكثر حساسية. هذه الذاكرة التي وُعد المستخدم بأنها ستسهم في تحسين جودة الحوار وتحقيق تجربة أكثر تخصيصًا، أصبحت الآن مرشحًا رئيسيًا لتمكين الإعلانات المُوجهة. من الناحية التقنية، يمكن لهذه الذاكرة أن تحدد اهتمامات المستخدم بدقة غير مسبوقة، لكن من الناحية الأخلاقية، تفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول الخصوصية والشفافية.

"الذاكرة ليست مجرد ميزة تقنية، بل بوابة جديدة لتفاعل اقتصادي يعتمد على الثقة قبل كل شيء."

إن تحويل محادثة ودّية مع الذكاء الاصطناعي إلى مساحة دعائية هو تجربة دقيقة تحتاج إلى توازن بين المنفعة التجارية واحترام المساحة الشخصية الرقمية للمستخدم. فالإعلان في صندوق دردشة يختلف عن إعلان على موقع إلكتروني؛ إنه يدخل إلى المحادثة ذاتها، وربما إلى اللغة التي يفكر بها الفرد.


تأثير الثقافات التقنية في قرارات الشركات

أشارت التسريبات إلى أن بعض موظفي OpenAI الجدد الذين جاؤوا من «ميتا» لعبوا دورًا في دفع فكرة الإعلانات إلى الواجهة. ما يحمل دلالة تتجاوز الخبر نفسه، إذ يعكس انتقال ثقافة المنصات الاجتماعية إلى عالم الذكاء الاصطناعي. في الميتا، البيانات هي الوقود، أما في OpenAI، فهي كانت حتى الآن الأمان المعرفي الذي يميز التجربة. التقاء الثقافتين قد ينتج نموذجًا تجاريًا جديدًا، لكنه أيضًا قد يختبر حدود ثقة المستخدمين.


تحول ضروري أم تنازل عن المبادئ؟

في عالم شركات التقنية، كثيرًا ما يبدأ التوجه التجاري كخيار جانبي ثم يتحول إلى جزء من الهوية. إذا أصبح الإعلان جزءًا من ChatGPT، فستواجه OpenAI التحدي ذاته الذي واجهته منصات التواصل الاجتماعي: كيف نجني المال دون أن نفقد جوهر التجربة الإنسانية. قد يرى البعض أن الإعلانات طريق طبيعي لتحقيق الاستدامة الاقتصادية، بينما قد يراها آخرون خطوة تُقيد العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي بمعايير السوق.

ذو صلة

المسألة في جوهرها لا تتعلق فقط بالإعلانات، بل بطريقة بناء الثقة في أدوات الذكاء الاصطناعي التي تُشاركنا التفكير واللغة والمشاعر. كيف سيتغير الحوار حين يصبح أحد أطرافه يوازن بين خدمة المستخدم وبيع المساحة داخل المحادثة نفسها؟

ربما تكون الخطوة المقبلة من OpenAI اختبارًا لما إذا كان يمكن للإعلانات أن تتعايش مع الابتكار دون أن تطغى عليه، أو أن كل تكنولوجيا ذكية محكومة في النهاية بحدود السوق. وبين سؤال الأخلاق وسؤال التمويل، سيبقى المستخدم هو الفيصل الحقيقي في تحديد لغة المستقبل.

ذو صلة