ذكاء اصطناعي

الصين تعزز أمن حدودها بروبوتات بشرية للمراقبة والعمل على مدار الساعة

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

الصين تعتمد الروبوتات البشرية في نقاط الحدود ببلدة فنغتشنغقانغ ابتداءً من ديسمبر.

فازت شركة UBTech Robotics بعقد لتوريد روبوتات Walker S2 بقيمة 37 مليون دولار.

يمتاز الروبوت بقدرة تبديل البطارية ذاتيًا مما يتيح العمل المستمر.

التصميم يحاكي البشر مع ميزات آلية ومفاصل مرنة وقدرة على حمل الأجسام.

هذا التحول يعزز دمج الروبوتات في البنى الأمنية والمراقبة المؤتمتة.

في مشهد يكاد ينتمي إلى الخيال العلمي أكثر من الواقع، أعلنت الصين عن خطوة جديدة تثبت مدى سرعتها في دمج الروبوتات داخل بنيتها التشغيلية. فابتداءً من ديسمبر القادم، ستتولى روبوتات بشرية الشكل مهام المراقبة والإشراف في نقاط العبور الحدودية ببلدة فنغتشنغقانغ في إقليم قوانغشي، على الحدود مع فيتنام. الخبر أثار اهتمام المتخصصين حول العالم، ليس فقط لجرأة الفكرة، بل للرسائل التي تحملها عن مستقبل العمل والأمن والإدارة الذكية.


روبوتات Walker S2 تدخل الخدمة عند الحدود

الجهة المنفذة للمشروع هي شركة UBTech Robotics الصينية، التي فازت بعقد ضخم تصل قيمته إلى نحو 37 مليون دولار لتوريد روبوتاتها من طراز Walker S2 إلى السلطات الصينية. هذه الآلات ليست مجرّد أدوات مراقبة صامتة، بل أنظمة قادرة على الحركة الذاتية، وتنفيذ عمليات التفتيش، وتنظيم حركة الأشخاص، وحتى إدارة النقل والإمداد عبر الحدود. كل ذلك في بيئة يصعب على البشر تحمّل ظروفها الطويلة أو نمطها المتكرر.


بطارية تُبدّل نفسها… عمل متواصل بلا توقف

أحد أكثر الجوانب إثارة في الروبوت الجديد هو قدرته على تبديل بطاريته بنفسه خلال دقائق معدودة، ما يتيح له البقاء في الخدمة على مدار الساعة. هذه الميزة تقلص بشكل كبير الحاجة إلى فترات التوقف، وتقدم مثالاً مبكرًا على فكرة الاستدامة التشغيلية في أنظمة الذكاء الصناعي. فبينما يحتاج الإنسان إلى راحة وغذاء ومأوى، يقوم Walker S2 بتعويض الطاقة بنفسه، ليظل واقفًا في موقعه حتى في أقسى الظروف.


تصميم يحاكي الإنسان… بوعيٍ ميكانيكي

يبلغ طول Walker S2 نحو 176 سنتيمترًا ووزنه 70 كيلوغرامًا، ويُصمَّم بهيكل من سبائك الألمنيوم عالية الصلابة مع أجزاء مطبوعة ثلاثي الأبعاد. يتمتع بمفاصل مرنة وقدرة على المشي بسرعة قريبة من سرعات البشر، إلى جانب يدين قادرتين على حمل أجسام تصل إلى سبعة كيلوغرامات. تتيح له الميكروفونات والمكبرات المدمجة إجراء محادثات قصيرة، ما يمنحه طابعاً بشرياً في بيئة العمل رغم برود الفولاذ الذي يغلفه.


تحول في فلسفة المراقبة والإدارة

استخدام روبوتات بشرية في النقاط الحدودية ليس حدثاً منعزلاً؛ فقد سبقت الصين بتطبيقات مماثلة في المطارات والجمارك. الجديد هذه المرة هو مدى الاعتماد على الروبوت كوحدة تشغيل مستقلة، ما يخلق طبقة جديدة من الحوكمة التقنية تعتمد على الصيانة الدورية بدلاً من الإدارة المستمرة. التحول من المراقبة البشرية المباشرة إلى المراقبة المؤتمتة يعكس نزعة عالمية نحو دمج الذكاء الروبوتي في البنى الأمنية الحساسة.


بين الراحة والسيطرة… ملامح المستقبل القريب

ذو صلة

ربما لا تزال هذه الروبوتات تؤدي مهامًا مساعدة فقط، لكنها تفتح الباب أمام مرحلة جديدة حيث يصبح اتخاذ القرار الميداني ذاته قابلاً للأتمتة. في بيئات العمل الخطرة أو المعزولة، يبدو هذا منطقياً وعملياً. ولكنّ السؤال العميق يظل عن التوازن بين الكفاءة التقنية والبعد الإنساني في الإدارة والأمن. فكلما ازدادت الدقة والسرعة، غابت دفء التجربة البشرية، وتحوّلت الحدود من نقاط عبور إلى مشاهد مراقبة دائمة.

ما يحدث اليوم في جنوب الصين قد يكون صورة مصغّرة لما ستبدو عليه حدود العالم خلال العقد القادم. روبوتات تسهر، تقيس، وتُبلّغ دون كلل. أما الإنسان، فيكتفي من بعيد بدور المراقب لمن كان يومًا يؤدي مهامه بيده.

ذو صلة