ذكاء اصطناعي

تحقيق صيني يكشف استخدام الأتمتة في إنتاج أبحاث علمية مزيفة

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

كشف تحقيق صيني عن استخدام الأتمتة في إنتاج أبحاث علمية مزيفة.

يبرز التقرير توسع "مصانع الأبحاث" واستخدامها لخوارزميات معقدة.

تشدد المحكمة الصينية العليا على فرض عقوبات صارمة ضد الأبحاث المزيفة.

تتجه الصين نحو رقابة رقمية صارمة لدعم النزاهة الأكاديمية.

توصي المؤسسات الأكاديمية بتطوير أنظمة تحقق رقمي لتعزيز مصداقية النشر.

كشفت الجهات الرقابية في الصين عن تحقيق رسمي يُظهر تنامي استخدام الأتمتة في ما يُعرف بـ"مصانع الأبحاث" التي تنتج دراسات مزيفة على نطاق واسع. وأوضح التقرير الذي بثّه التلفزيون الصيني المركزي منتصف أكتوبر 2025 أن بعض الشركات قادرة على إنتاج عشرات الدراسات أسبوعيًا عبر أدوات نصية وتقنية متقدمة دون أي إشراف علمي حقيقي.


تحول الأتمتة إلى صناعة كاملة

أظهر التحقيق أن وكالات تجارية في مدن مثل ووهان تقدم خدمات كتابة أبحاث تمتد إلى مجالات الهندسة والطب والتقنية بدعوى كونها مساعدة أكاديمية. وتستقبل بعض هذه الوكالات أكثر من 40 ألف طلب سنويًا، بأسعار تتراوح بين بضع مئات وآلاف الدولارات بحسب حجم الدراسة ومتطلبات النشر.

يُبرز هذا الاتجاه خطورة تحول التقنية من وسيلة دعم للأكاديميين إلى أداة لتوليد أعمال مزيفة يصعب كشفها. فقد أشار محللون في تقرير نشره موقع South China Morning Post إلى أن خوارزميات الكتابة الحديثة أصبحت قادرة على محاكاة أساليب أكاديمية معقدة، مما يجعل التحقق اليدوي من صحة الأبحاث أكثر صعوبة من أي وقت مضى.


انعكاسات على منظومة البحث العلمي

أوضحت المحكمة الشعبية العليا في الصين، في بيان نُشر في يناير الماضي، ضرورة فرض عقوبات صارمة على الشركات التي تبيع مواد بحثية مزيفة، مؤكدة أن الظاهرة تهدد نزاهة النظام الأكاديمي ومسار إعداد الكفاءات العلمية. كما نقلت صحيفة "ذا بيجنغ نيوز" رأيًا يشير إلى أن الدراسات غير الأصلية أصبحت "أكثر إتقانًا وصعوبة في التعقب" بفضل التعاون بين الأدوات البرمجية المختلفة.

وفي دراسة أُعدت بالتعاون بين معهد العلوم الصيني والناشر العالمي تايلور آند فرانسيس، أُكدت خطورة استغلال الطلاب الشباب عبر هذه الخدمات التجارية، خاصة مع ضعف التدريب على أخلاقيات البحث العلمي في بعض المؤسسات الجامعية. الدراسة نفسها حذّرت من تزوير البيانات والصور المخبرية ضمن تقارير علمية تبدو منسقة وموثوقة ظاهريًا.

تثير هذه التطورات تساؤلات حول فاعلية أنظمة النشر والتحكيم الحالية، وحول معايير التحقق الرقمي التي تعتمدها المجلات العلمية العالمية. ويرى خبراء أن الحل لا يكمن في المنع وحده، بل في تحديث آليات المراجعة والتدقيق باستخدام أدوات تحليل تقني قادرة على ملاحقة الأنماط النصية والمرجعية غير الطبيعية.


مستقبل النشر وتحدي الثقة الأكاديمية

ذو صلة

تؤكد الإشارات الرسمية أن الصين تتجه نحو رقابة رقمية أكثر صرامة ومحاولة إعادة بناء الثقة في منظومة النشر العلمي. ومع ذلك، فإن توافر تقنيات الكتابة المؤتمتة عالميًا يجعل الظاهرة مشكلة عابرة للحدود تتطلب تعاونًا دوليًا أكثر انسجامًا في مجال سياسات النشر ومراقبة المحتوى. ويُتوقع أن تدفع هذه الأزمة المؤسسات الأكاديمية إلى الاستثمار في منصات تحقق رقمية مفتوحة المصدر، شبيهة بتلك الموضحة في مشاريع GitHub البحثية، لتحقيق شفافية أكبر في معالجة البيانات وتوثيقها.

في ضوء ذلك، يبدو مستقبل البحث العلمي مرهونًا بمدى قدرة الجامعات والناشرين على تطوير أنظمة تحقق مؤتمتة تُوازن بين دعم الإنتاج العلمي السريع وحماية مصداقيته. المسألة لم تعد تقنية فحسب، بل أخلاقية واقتصادية في آنٍ واحد.

ذو صلة