ذكاء اصطناعي

صحيفة باكستانية تتورّط بعد نشر محتوى يظهر عليه ChatGPT بالخطأ

Abdelrahman Amr
Abdelrahman Amr

3 د

صدمت صحيفة «داون» بباكستان الأوساط الإعلامية بخطأ ذكاء اصطناعي غير مسبوق.

تضمن التقرير الاقتصادي فقرة غير متوقعة كُتبت بمساعدة الذكاء الاصطناعي.

طرحت الحادثة تساؤلاً حول اعتماد الصحافة على الذكاء الاصطناعي بلا إشراف كافٍ.

الشفافية باتت موضوعاً مركزياً، وتحتاج الصحافة للإفصاح عن استخدام AI.

يمكن للإعلام الاستفادة من الخطأ بتنظيم أفضل لاستخدام تقنيات الذكاء.

في صباح هادئ من نوفمبر، صُدمت الأوساط الإعلامية الباكستانية بخطأ غير مسبوق عندما نشرت صحيفة «داون» فقرة تحتوي على جملة تولّدها أدوات الذكاء الاصطناعي من دون قصد. لم يكن الخبر مجرد زلة تحريرية بسيطة، بل علامة تكشف عن التحوّل العميق الذي يعيشه الإعلام في زمن الأتمتة والتحرير بالذكاء الاصطناعي.


حادثة «داون» تكشف وجهاً جديداً لاستخدام الذكاء الاصطناعي

وفقًا لتقرير منشور في «The Indian Express»، ورد في النسخة المطبوعة للصحيفة سطر غريب في نهاية تقرير اقتصادي حول مبيعات السيارات في باكستان، يعرض اقتراحًا بلغة تشبه ما يكتبه المساعدون الآليون من نوع ChatGPT: جملة عرض فيها «كاتب» الآلة تقديم نسخة أكثر جاذبية من التقرير. هذا الإدراج العفوي أثار موجة من الانتقادات على منصات «إكس» و«ريديت»، تساءل فيها المستخدمون كيف يمكن لمؤسسة صحفية عريقة أن تسمح بمثل هذا الخطأ في مطبوعتها.


ذكاء اصطناعي في قلب غرفة الأخبار

خلال العامين الأخيرين، دخلت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية إلى غرف الأخبار لتساعد في الصياغة والترجمة والتحرير. غير أن حادثة «داون» تطرح سؤالًا محوريًا حول الحدود بين المساعدة التقنية والممارسة الصحفية المسؤولة. هل يمكن أن نعتمد على النظام الآلي في تحرير نصوص تعكس قيم الصحافة البشرية؟ أم أن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى إشراف تحريري أشد صرامة؟


الجدل الأخلاقي حول الشفافية الإعلامية

ما أثار غضب القراء لم يكن الخطأ نفسه فقط، بل غياب الإفصاح عن استخدام أداة ذكاء اصطناعي في إنتاج المادة المنشورة. في الإعلام التقليدي، الشفافية عنصر أساس في بناء الثقة مع الجمهور، أما إخفاء تدخل الخوارزميات خلف الأقلام البشرية فيُذكّرنا بالمخاطر التي يحملها الاعتماد غير المُعلن على التقنيات الذكية. البعض رأى في الواقعة تنبيهاً لا بد منه نحو ضبط استخدام أدوات الكتابة الآلية قبل أن تفقد الصحافة بريقها الإنساني.


من الخطأ إلى فرصة للمراجعة

على الرغم من الطابع المحرج للحادثة، إلا أنها تمثل لحظة يمكن للقطاع الإعلامي الاستفادة منها. استخدام الذكاء الاصطناعي في التحرير ليس جريمة، بل أداة تحتاج إلى تنظيم وأخلاقيات واضحة. فالمحرر البشري يبقى الضمانة التي تميّز بين النص المحايد والنص المزيّف، وبين الخبر والمحتوى التسويقي الذي تنتجه الخوارزميات بلا وعي بالمجتمع الذي تتحدث إليه.


إعلام المستقبل بين الكفاءة والمصداقية

ذو صلة

تضعنا حادثة «داون» أمام معادلة صعبة: كيف نحافظ على سرعة وكفاءة التحرير التي يمنحها الذكاء الاصطناعي من دون أن نفرّط في القيم المهنية التي بُنيت عليها الصحافة؟ ربما يكون الحل في إعلان واضح عن مساهمة الأدوات التقنية داخل العملية التحريرية، تماماً كما تُذكر المصادر والمراجع التقليدية. فالصدق المهني لا يتناقض مع الاستخدام الذكي للتقنية، بل يتعزز به حين يُدار بشفافية.

الذكاء الاصطناعي ليس خصماً للصحافة، بل مرآة تعكس مسؤوليتها الجديدة في عصر البيانات والخوارزميات. وحين تتعلم المؤسسات الإعلامية من أخطائها، ربما تتحول «زلاتها الرقمية» إلى فرص لتجديد ثقة القراء في الصحافة بوصفها عملاً إنسانياً أولاً، وتقنياً ثانياً.

ذو صلة