ذكاء اصطناعي

حقيقة تكلفة تدريب R1، ليست كما أعلنت DeepSeek!

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

أعلنت شركة ديب سيك عن تكلفة تدريب نموذجها R1 بـ 294 ألف دولار فقط.

استُخدمت 512 شريحة H800 لتعزيز التفكير المنطقي والاستدلال.

تثير الأرقام المعلنة جدلاً حول شفافية التكاليف وإمكانية وصول الشركات الصغيرة للسوق.

التطورات تتيح فرصًا جديدة للشركات الناشئة ولمجال التعليم بميزانيات أقل.

يُحتمل أن يُعيد هذا التنافس تشكيل طبيعة استخدام الذكاء الاصطناعي عالميًا.

أعلنت شركة ديب سيك DeepSeek الصينية أن كلفة تدريب نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي (R1) لم تتجاوز 294 ألف دولار، وفق ورقة بحثية منشورة في دورية Nature بعد خضوعها لمراجعة الأقران. الرقم - الذي يبدو ضئيلاً مقارنةً بتقديرات أميركية تتجاوز مئات الملايين - فجَّر موجة جديدة من التساؤلات حول مكانة بكين في سباق تطوير النماذج اللغوية العملاقة.


تفاصيل تقنية تكشف الفارق في التكلفة

أوضحت الدراسة أن تدريب نموذج (R1) اعتمد على 512 شريحة H800 من تطوير شركة إنفيديا، وتركَّز بصورة أساسية على تنمية مهارات التفكير المنطقي والاستدلال، وهي نقطة تُظهر توجهًا نحو تعزيز قدرات النماذج في المعالجات المعرفية العميقة بدلًا من مجرد التوسع في حجم البيانات.

بالمقارنة، كان الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه.آي سام ألتمان قد صرح عام 2023 أن تدريب ما أسماه "النموذج التأسيسي" كلّف شركته "أكثر بكثير" من 100 مليون دولار، من دون أن يعلن تفصيلات دقيقة. الفجوة بين الرقمين تضع الأسواق أمام سؤال محوري: هل نجحت ديب سيك فعلًا في كسر معادلة التكاليف أم أن البيانات المعلنة تفتقر إلى الشفافية الكاملة؟

  • التكلفة المعلنة: 294 ألف دولار فقط.
  • العدد المستخدم من الشرائح: 512 شريحة H800.
  • التركيز الوظيفي: التفكير المنطقي والاستدلال.
  • الإعلان جاء بعد مراجعة أكاديمية بمجلة Nature.

انعكاسات على سوق التقنية والاستثمار

سابقًا، عندما كشفت الشركة الصينية مطلع هذا العام عن خططها لاعتماد نماذج منخفضة التكلفة، شهدت الأسواق موجة بيع حادة في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي خوفًا من تآكل هيمنة اللاعبين الكبار، بما في ذلك شركات تصنيع العتاد مثل إنفيديا. هذه المرة، ورغم أن الأسواق أكثر حذرًا، إلا أن الإعلان في Nature يضفي مصداقية إضافية تجعل ردّ الفعل مرشحًا للتصعيد.

من جهة أخرى، يشكك مسؤولون أميركيون في إمكانية الوصول إلى تلك الكلفة من دون دعم حكومي واسع يعتمد على البنية التحتية الوطنية للرقائق والحوسبة، مما يجعل الملف جزءًا من التنافس الاستراتيجي بين بكين وواشنطن على ريادة الذكاء الاصطناعي.


ورقة ديب سيك البحثية


ما وراء الأرقام: صراع على المستقبل

بعيدًا عن الجدل الحسابي، يعبّر هذا التطور عن محاولة تغيير قواعد اللعبة في صناعة تتطلب استثمارات ضخمة عادة. إذا صحت أرقام ديب سيك، فهذا قد يفتح الباب أمام دخول لاعبين جدد للنظام البيئي للذكاء الاصطناعي، حيث لم يعد الوصول إلى نموذج متقدّم مرهونًا بميزانيات مليارية. أما إذا كانت الأرقام أقل دقة، فإن الشركات الكبرى ستظل محتفظة بأفضلية التصنيع ووفرة الموارد.

ذو صلة

يبقى أن صراع "التكلفة مقابل الكفاءة" لن يحدد فقط الشركات الفائزة، بل ربما يعيد تشكيل طبيعة الاستخدامات نفسها. نماذج منخفضة الكلفة قد تسهّل الانتشار في مجالات التعليم، المؤسسات الناشئة، وحتى الاستخدامات الحكومية في الأسواق الناشئة. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يتحول التنافس من مجرد أداء النماذج إلى طريقة تمويلها وإتاحتها عالميًا؟

ولعل الإجابة ستتضح مع الزمن، حين يبدأ المستخدم النهائي بمقارنة النتائج الفعلية لا الأرقام النظرية. إلى ذلك الحين، ستظل معركة الشرائح والبيانات عنوانًا للسباق بين بكين ووادي السيليكون، ومعها ينمو يقين جديد: أن مستقبل الذكاء الاصطناعي لن يقاس فقط بمليارات الدولارات المستثمرة، بل بالقدرة على إحداث الأثر بأقل الموارد الممكنة.

ذو صلة