ذكاء اصطناعي

فيسبوك يتخلى عن أزرار الإعجاب والتعليق من المواقع الخارجية بعد سنوات من السيطرة الرقمية

Abdelrahman Amr
Abdelrahman Amr

3 د

ستوقف ميتا أزرار الإعجاب والتعليقات الخارجية على فيسبوك في فبراير المقبل.

كانت الأزرار تمثل رمزًا للتكامل بين المواقع والتواصل الاجتماعي.

تقلص استخدام الأزرار مع تغير أنماط الخصوصية في الشبكات.

الكشف عن بيانات كامبريدج أناليتيكا دفع لتغييرات في مشاركة البيانات.

إلغاء الأزرار يعكس تحولًا نحو لامركزية التحكم في البيانات الاجتماعية.

شارك معظمنا ذات يوم رابطًا من موقع خارجي على فيسبوك، مصحوبًا بزر الإعجاب الأزرق الشهير، معتقدين أن تلك الإيماءة الصغيرة ستربطنا أكثر بعالم الإنترنت “الاجتماعي”. لكن هذا الطيف الرقمي من الماضي يوشك أن يختفي نهائيًا، إذ أعلنت شركة ميتا عن إيقاف أزرار الإعجاب والتعليقات الخاصة بفيسبوك على المواقع الخارجية بحلول 10 فبراير من العام المقبل.


وداع حقبة الأزرار الاجتماعية

في مطلع العقد الماضي، كانت أزرار الإعجاب والتعليق التي تقدمها فيسبوك رمزًا لعصر جديد من التكامل بين المواقع وعالم التواصل الاجتماعي. فالمستخدم لم يكن يكتفي بالقراءة أو التصفح، بل كان يُضيف لمسته الشخصية بضغطة واحدة تُسجَّل على جدوله الزمني وتُشارك مع أصدقائه. تلك الفكرة، رغم سحرها في بداياتها، مثّلت أيضًا بداية مرحلة من تتبع البيانات الشخصية على نطاق واسع.


تراجع الاستخدام وتغير Landscape الويب

بحسب إعلان ميتا الرسمي، تراجع استخدام هذه المكونات الاجتماعية مع مرور الوقت نتيجة تغير أنماط التطوير والخصوصية على الويب. اليوم، لم يعد المستخدم يحتاج إلى “زر” يربط نشاطه الشخصي بمنصة واحدة. فوسائل المشاركة أصبحت جزءًا أصيلًا من المتصفحات، والمستخدمون أصبحوا أكثر وعيًا بكيفية إدارة وجودهم الرقمي.


استيقاظ متأخر لوعي الخصوصية

حادثة كامبريدج أناليتيكا قبل سنوات كشفت إلى أي حدٍّ يمكن أن تتحوّل بيانات الإعجاب إلى وقود سياسي وتجاري. ما بدا آنذاك مجرد تفاعل بسيط، كان في الواقع جزءًا من منظومة هائلة تجمع العادات والمشاعر والآراء. ومع تراكم هذه التجارب، تغيّر المزاج العام تجاه “الربط الشامل” بين المنصات، فصار المستخدمون يفضّلون التحكم المباشر في بياناتهم بدلًا من تبادلها دون وعي.


ما الذي سيبقى من فيسبوك على الويب؟

رغم أن أزرار الإعجاب والتعليق ستختفي تدريجيًا، إلا أن خيار “مشاركة القصة على فيسبوك” سيبقى متاحًا في المواقع الإخبارية والمدونات. يوضح هذا القرار أن ميتا لم تتخلَّ تمامًا عن التفاعل الاجتماعي خارج منصتها، لكنها تسعى إلى تقليص المكونات التقنية القديمة التي لم تعد تلائم البنية الحديثة للويب ولا معايير الخصوصية الجديدة.


تحول في فلسفة الشبكات الاجتماعية

ذو صلة

اختفاء هذه الأزرار ليس حدثًا برمجيًا فحسب، بل هو مؤشر على تحوّل عميق في فهم العلاقة بين الإنسان والتقنية. فالمجتمعات الرقمية اتجهت نحو اللامركزية، والمستخدم أصبح هو محور التحكم، لا المنصة. هذا التحول يعبّر عن نضج متأخّر لعلاقة الإنسان بالبيانات التي ينتجها يوميًا، وإدراكٍ متزايد بأن البساطة التقنية قد تعني أحيانًا أمانًا أكثر وحرية أكبر.

يبدو أن ميتا تغلق فصلًا من تاريخ الإنترنت كانت فيه “الإعجابات” تمثّل مقياس القبول الاجتماعي، لتفتح الباب أمام جيل جديد من التفاعل يقوم على الاختيار الواعي لا على الإشارة العابرة. وبينما تختفي الأزرار من الصفحات، يبقى سؤال مفتوح: هل نحن فعلًا أكثر حرية اليوم، أم أننا العائدون من زمنٍ آمنّا فيه بأنّ كل ضغطة تعني شيئًا؟

ذو صلة