قفزة نوعية في قدرات البحث الذكي لدى جوجل مع تحديثات الذكاء الاصطناعي الجديدة

3 د
أعلنت جوجل عن ميزة "القدرات الوكيلية" ضمن Google Search Labs في الولايات المتحدة.
هذه الميزة تتيح للمستخدم حجز المطاعم والعثور على الخدمات المحلية مباشرة عبر البحث.
الخدمة متاحة للبالغين بحساب جوجل وتبدأ بحجوزات المطاعم مع خطط للتوسع لاحقًا.
تعزز جوجل دور الذكاء الاصطناعي ليصبح البحث تفاعليًا أشبه بمساعد شخصي متكامل.
هذا التحول قد يؤثر على استقلالية الويب وزيارات المواقع التقليدية.
أعلنت جوجل عن إتاحة ميزة جديدة تجريبية ضمن منصة Google Search Labs، حيث بات بإمكان المستخدمين في الولايات المتحدة تجربة ما أطلقت عليه الشركة اسم "القدرات الوكيلية" (Agentic capabilities) داخل وضع الذكاء الاصطناعي في البحث. التحديث يسمح للمستخدم بطلب حجز مطعم أو العثور على مواعيد متاحة للخدمات المحلية والفعاليات بشكل مباشر من خلال محرك البحث.
من البحث إلى التنفيذ: ماذا يعني دخول قدرات "وكيلية"؟
لطالما كان محرك البحث مدخلًا لاكتشاف المعلومات، لكن جوجل تدفعه الآن خطوة إضافية باتجاه التنفيذ العملي للطلبات. فبدلاً من الاكتفاء بتوجيه المستخدم إلى روابط مختلفة، أصبح بإمكان "وضع الذكاء الاصطناعي" تنفيذ عملية بحث نشطة عبر أكثر من منصة حجز ليقدّم نتائج مُفصّلة مع إمكانية الانتقال مباشرة إلى صفحة إتمام الحجز. المثال الذي عرضته جوجل يوضح طلبًا لحجز عشاء من ثلاثة أشخاص قرب مدينة شيكاغو، لتُظهر التجربة قائمة مطاعم مناسبة مع المواعيد المتاحة فورًا.
- الخدمة متاحة في الولايات المتحدة فقط، وباللغة الإنجليزية.
- للمستخدمين البالغين (18+) والمسجلين بحساب جوجل شخصي مفعّل ضمن إعدادات "نشاط الويب والتطبيقات".
- البداية مع حجوزات المطاعم، مع خطط للتوسع نحو مواعيد الصيانة وخدمات التذاكر.
- "نبدأ بحجوزات المطاعم، وسنوسع لاحقًا لدعم المواعيد المحلية والتذاكر".
- منشور رسمي لجوجل
تتوافق هذه الخطوة مع توجه عام نحو جعل محركات البحث أكثر تفاعلية، إذ لم تعد النتائج مجرد روابط ومقتطفات، بل باتت أشبه بمساعد شخصي متكامل. وهو نهج يعيد إلى الأذهان ما أعلنت عنه الشركة سابقًا من تحسينات لـوضعية AI Overviews في البحث، لكن هذه المرة مع بُعد عملي أكثر ارتباطًا بالأنشطة اليومية.
الأثر الفعلي على المستخدمين والشركات
إضافة ما يشبه "وكيلًا افتراضيًا" داخل محرك البحث قد يقلب التوازنات في قطاعات عدة. منصات الحجز، على سبيل المثال، لطالما اعتمدت على ظهورها في نتائج البحث التقليدية لجذب المستخدمين، أما الآن فقد يجد المستخدم كل ما يحتاجه داخل واجهة جوجل نفسها. بالنسبة للشركات الصغيرة، قد يعني ذلك فرصًا أكبر للظهور إذا نجحت الخوارزميات في إبرازها ضمن قائمات الحجز الذكية. لكن في المقابل، ستزداد المنافسة على ما يمكن تسميته "مربع الظهور المباشر"، وهو مساحة أكثر قِصرًا وحسمًا من نتائج البحث العادية.
من زاوية أخرى، يثير هذا التوجّه سؤالًا جوهريًا حول "استقلالية الويب". فكلما تجاوزت جوجل صفحة الروابط التقليدية لصالح إنجاز المهمة داخل البحث، كلما تضاءلت فرصة المستخدم لزيارة مواقع الطرف الثالث. قد يُترجَم ذلك إلى تراجع في الزيارات المباشرة لمواقع المطاعم والخدمات، في مقابل زيادة الاعتماد على خدمات جوجل.
ولفهم ما يحدث تقنيًا، يمكن القول إن "الوضع الوكيلي" يعمل بآلية بحث استباقي عبر قواعد بيانات منصات خارجية ومزودي خدمات حجز، ليُعيد صياغة النتائج في واجهة منسقة. أشبه ما يكون بمحرك متوسط بين طلبات المستخدم وخوادم الحجز الفعلية، لكن بواجهة ذكية تضيف طبقة من الفهم السياقي والاقتراحات المفلترة.
من يرسم ملامح المستقبل: البحث أم المساعدات الذكية؟
من الواضح أن جوجل تحاول إعادة تعريف هوية البحث مع دخول الذكاء الاصطناعي بفعالية أكبر. فمع توسع التقنيات الشخصية المدعومة بالوكالة (Agents)، تصبح الحدود بين محرك البحث والمساعد الشخصي غير واضحة. إذا كانت البداية مع حجوزات المطاعم والخدمات، فإن ما يليها قد يشمل حجز رحلات، أو حتى ترتيب مواعيد مع جهات متعددة بضغطة واحدة. هذا الدرب يفتح أمام المستخدم سهولة كبيرة، لكنه يُدخل الشركات المنافسة والمطورين في منافسة محتدمة حول من يملك "الواجهة النهائية" لتجربة المستخدم اليومية.
وفي خضم هذه التحولات، يبقى السؤال الأهم: هل سيظل المستخدم قادرًا على التمييز بين ما تعرضه جوجل بوصفه "أفضل الخيارات" وما هو مجرد جزء من شراكاتها التجارية؟ المستقبل القريب سيكشف إن كانت هذه القدرات ستُرسي معايير جديدة للتفاعل مع الإنترنت أو ستفتح بابًا لجدل أوسع حول الحياد والشفافية في الذكاء الاصطناعي.