ابتكار ثوري في الحوسبة الكمومية يكشف عنه الرئيس التنفيذي لجوجل

3 د
كشفت “غوغل” عن شريحة "Willow" لتُعيد تعريف الحوسبة نفسها بتفوق كمي قابل للتحقق.
الشريحة تحقق إنجازات ملموسة تجعل الحوسبة الكمية قابلة للاختبار والمقارنة والمعايير.
قفز سهم “Alphabet” بعد الإعلان، مما يعكس تفاؤلًا بسوق الحوسبة الكمية.
تتلاقى الحوسبة الكمية مع الذكاء الاصطناعي، مما يفتح أبوابًا جديدة للتطبيقات المشتركة.
تسعى غوغل لتحقيق "الكيوبت المنطقي"، لفتح آفاق جديدة في تصميم الأدوية والمحاكاة الكيميائية.
ليست المرة الأولى التي تُشعل فيها “غوغل” خيال العالم العلمي، لكنها هذه المرة تبدو مختلفة. ففي اللحظة التي كشف فيها المدير التنفيذي سوندار بيتشاي عن شريحة “Willow”، لم يكن الحديث عن سرعة إضافية فحسب، بل عن إعادة تعريف لماهية الحوسبة نفسها. تلك الحواسيب التي كانت تعمل بالأصفار والواحدات بدأت تدخل عالماً يتعامل مع اللانهائي والاحتمال.
قفزة تتحول من تجريب إلى تطبيق
أعلنت “غوغل” أن شريحة “Willow” حققت ما وصفته بأول “ميزة كمية قابلة للتحقق”، وهو مصطلح يعني ببساطة أن تفوق الحوسبة الكمية لم يعد نظرية معزولة في المختبر، بل أصبح إنجازًا يمكن قياسه ومراجعته تجريبيًا. هذا الإعلان، الذي نُشر في مجلة Nature وتحقق منه باحثون مستقلون، يشير إلى أن الشركة انتقلت من استعراض القوة التقنية إلى بناء نواة سوق جديد تمامًا.
معنى التفوق القابل للتحقق
في السنوات الماضية دار الجدل حول عبارة “التفوق الكمي” التي أطلقتها غوغل عام 2019، لكنّ المشكلة كانت دوماً في صعوبة إثباتها عملياً. الجديد اليوم هو عنصر “التحقق”، الذي يسمح للعلماء الآخرين بقياس نتائج الشريحة ومقارنتها بأجهزة كلاسيكية. هذه النقلة ليست لغوية فقط، بل منهجية؛ فهي تمثل خطوة نحو تحويل الحوسبة الكمية من سباق تجارب إلى صناعة قابلة للاختبار والمقارنة والمعايير.
"الأهم في المسار الكمي ليس من يصل أولاً، بل من يجعل الآخر يرى النتائج بالعين المجردة." — باحث في فيزياء المعلومات الكمية
التأثير على الاستثمار وسوق التقنية
ما إن أعلنت غوغل عن إنجازها حتى صعد سهم “Alphabet” بنسبة تقارب 2% مضيفاً عشرات المليارات إلى قيمته السوقية. هذا التفاعل السريع يكشف كيف أصبحت الحوسبة الكمية رمزاً جديداً لتفاؤل وول ستريت، تماماً كما كانت الذكاء الاصطناعي كلمة السر في عام سابق. ورغم أن معظم الشركات الكمية ما زالت محدودة الإيرادات، إلا أن الرؤية المستقبلية ترسم سوقاً بالمليارات بحلول نهاية العقد.
تلاقي الكم والذكاء الاصطناعي
ليس من قبيل الصدفة أن يأتي هذا الإنجاز في حقبة تتزايد فيها شراهة الذكاء الاصطناعي للطاقة الحسابية. الحوسبة الكمية لا تستبدل مراكز البيانات القائمة، لكنها توفر طبقة جديدة قادرة على تسريع عمليات المحاكاة، وهو ما ينعكس على تدريب النماذج الضخمة وتطوير مواد جديدة أو أدوية محتملة. إنها علاقة تبادلية: كل تقدم في الذكاء الاصطناعي يفتح باباً جديداً لتطبيقات الكم، والعكس صحيح.
من المختبر إلى الاستخدام البشري
الخطوة التالية في خريطة غوغل هي بلوغ “الكيوبت المنطقي” القادر على تصحيح أخطائه ذاتياً، ما يعني تشغيل برامج كاملة من دون انهيار حسابي. إذا تحقق ذلك، فإن تطبيقات مثل تصميم الأدوية والبطاريات المتقدمة أو المحاكاة الكيميائية ستُدار في دقائق بدلاً من سنوات من التجارب الميدانية. وهنا يتحول المجال من حلم فيزيائي إلى أداة إنسانية تمسّ الحياة اليومية.
ربما تبدو مصطلحات مثل “الميزة الكمية القابلة للتحقق” بعيدة عن اهتمام المستخدم العادي اليوم، لكنها تشبه اللحظة الأولى للإنترنت حين لم يفهمها سوى العلماء. كل جيل يعيش لحظة انتقال كهذه، لحظة يسبق فيها الخيال الواقع بخطوة، قبل أن يتحول إلى استخدام مألوف. ومع “Willow”، يبدو أننا نقترب من تلك الخطوة.









