إيطاليا تتصدر أوروبا بقانون جديد لتنظيم الذكاء الاصطناعي

3 د
أصدر البرلمان الإيطالي أول قانون أوروبي لتنظيم الذكاء الاصطناعي داخليًا قبل التشريع الأوروبي الموحد.
القانون يشدد على الشفافية، حماية البيانات، والتقييم المسبق للأنظمة عالية المخاطر.
تتضمن الإجراءات المراقبة البيومترية والإبلاغ الفوري عن الأخطاء والانحيازات.
تأسيس صندوق لدعم الشركات الناشئة يبرز أهمية الابتكار مع مراعاة المسؤولية.
تبني إيطاليا للتشريع يبعث رسالة للدول الأخرى بأهمية التنظيم السريع والمحلي.
مرّر البرلمان الإيطالي خلال الأسبوع الجاري قانونًا جديدًا هو الأول من نوعه داخل أوروبا لتنظيم الذكاء الاصطناعي على المستوى الوطني، في خطوة تسبق اعتماد الإطار الأوروبي الموحد المعروف باسم "AI Act". القانون الإيطالي يضع قواعد إلزامية لتطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويهدف إلى تعزيز الابتكار مع تقليل المخاطر المرتبطة باستخدام الأنظمة المؤتمتة في القطاعات الحساسة مثل الصحة، الأمن، والإدارة العامة.
ماذا يتضمن القانون الإيطالي الجديد؟
القانون يقدّم ملامح مبدئية لمعايير الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، ويُعد بمثابة جسر حتى يتم تفعيل التشريع الأوروبي المرتقب. ووفقًا لما نشر في النص الرسمي على Perplexity، يركّز القانون على مراقبة المخاطر المرتبطة بالأنظمة عالية التأثير، ويُلزم الشركات بإجراءات واضحة للشفافية وتوثيق البيانات.
- عمليات التحقق المسبق لأي نظام ذكاء اصطناعي عالي المخاطر قبل نشره.
 
- إلزام الشركات بوضع آليات للإبلاغ عن الأخطاء والانحيازات فور اكتشافها.
 
- تشديد الرقابة على استخدام تقنيات المراقبة البيومترية مثل التعرف على الوجه في الأماكن العامة.
 
- إطلاق صندوق دعم مالي لمساعدة الشركات الناشئة في تطوير حلول آمنة ومطابقة للتشريعات.
 
— من نص توضيحي للبرلمان الإيطالي
"إيطاليا لا تسعى إلى إبطاء التطوير بل إلى ضمان أن يتم بشكل مسؤول يخدم المجتمع".
ما الذي يعنيه هذا القرار للسوق الأوروبي؟
تأتي الخطوة الإيطالية في لحظة حساسة يشهد فيها العالم سباقًا محمومًا بين القوى الكبرى على ترسيخ أنظمة رقابة وتشريعات للذكاء الاصطناعي. وإذا كان الاتحاد الأوروبي يستعد لتفعيل قانون الذكاء الاصطناعي الشامل قريبًا، فإن تبني دولة عضو رائدة كإيطاليا لتشريع وطني خاص بها، قد يدفع دولًا أخرى إلى اتخاذ مسارات مشابهة.
الجانب الأكثر لفتًا للنظر هو أن القانون الإيطالي لم يقتصر على تقييد الممارسات المهدِّدة للخصوصية، بل حرص في الوقت نفسه على إنشاء أدوات تحفيزية عبر صندوق مالي لدعم الابتكار. هذا التوازن بين الرقابة والتشجيع يضع إيطاليا في موقع متميز لمنافسة أسواق أكبر داخل أوروبا.
ولأن الذكاء الاصطناعي أصبح يتداخل مع الخدمات الحكومية، والبنوك، وقطاع التعليم، فإن وضوح القواعد القانونية في السوق الإيطالي قد يمنح الشركات والمستثمرين ثقة أكبر في تبني التطبيقات العملية، بدلًا من الاكتفاء بالتجارب المعملية. وفي المقابل، قد تمثل القيود الصارمة بشأن مراقبة الوجه أو أنظمة التقييم الآلي عقبة للشركات التي تراهن على هذه التقنيات.
إشارات أبعد من مجرد تشريع محلي
القانون الإيطالي يحمل رسالة سياسية بقدر ما هو خطوة تقنية: الدول لم تعد تنتظر مركزية بروكسل لتقرير قواعد اللعبة. هذا يعكس إدراكًا متزايدًا بأن المنافسة الجيوسياسية والاقتصادية حول الذكاء الاصطناعي تتطلب سرعة استجابة وتشريعات وطنية فاعلة. ومع أن القانون الأوروبي الموحد سيظل المرجعية الأوسع، فإن تعدد المبادرات المحلية قد يصوغ نموذجًا مرنًا يتيح تكييف التشريعات وفق خصوصية كل سوق.
المفارقة أن أوروبا التي كثيرًا ما تُنتقد لبطئها في مواكبة الابتكار الرقمي، تبدو اليوم في مقدمة الدول التي تحاول صياغة قواعد واضحة قبل انتشار أكبر للأنظمة المؤتمتة. والسؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه القوانين ستتحول إلى عامل جذب يرسّخ ثقة المستثمرين، أم إلى حاجز آخر في وجه الشركات الناشئة أمام منافسين من الولايات المتحدة وآسيا. وفي كلا الاحتمالين، يبدو أن السباق لم يعد حول تطوير الخوارزميات فقط، بل حول من يضع حدود اللعبة أولًا.









