ذكاء اصطناعي

الميكروسكوب الموحد يكشف أسرار الخلايا الحية والعوالم الدقيقة المخفية

Abdelrahman Amr
Abdelrahman Amr

2 د

كشف باحثو جامعة طوكيو عن مجهر جديد لمشاهدة العوالم النانوية داخل الخلايا.

يجمع المجهر بين التصوير الطوري الكمي والتناثر التداخلي لرؤية متكاملة للبنية الخلوية.

يسجل المجهر تغييرات مكونات الخلية ويتيح قياس الخواص الفيزيائية والضوئية للجزيئات.

يخطط الفريق لاستخدام التقنية في دراسة الفيروسات لدعم المراقبة البيولوجية وصناعة الأدوية.

وقت طويل أمضاه العلماء في البحث عن وسيلة تسمح لهم برؤية ما تخفيه الخلايا الحية دون أن يدمروها أو يغيروا سلوكها. اليوم يبدو أن هذا الحلم بدأ يقترب من التحقق؛ فقد كشف باحثو جامعة طوكيو عن ابتكار بصري جديد يفتح بابًا غير مسبوق لمشاهدة العوالم الدقيقة والنانوية داخل الخلايا كما لم يُرَ من قبل.


ميكروسكوب موحد يكشف وجهين للضوء

الفريق الياباني طوّر نوعًا جديدًا من المجاهر يلتقط الضوء المتناثر في اتجاهيه الأمامي والخلفي في الوقت ذاته، ما يمنح العلماء رؤية متكاملة للبنية الخلوية من أكبر مكوناتها حتى الجسيمات متناهية الصغر. هذه التقنية تمنح نطاق حساسية يزيد 14 مرة عن المجاهر التقليدية، وتعمل دون الحاجة إلى أصباغ أو واسمات فلورية، لتبقى الخلية حيّة وطبيعية أثناء الرصد المستمر.


من الميكرو إلى النانو في لقطة واحدة

تعتمد هذه الطريقة على الدمج بين مبدأين كانا لطالما منفصلين: التصوير الطوري الكمي الذي يركز على الضوء المتقدم ليُظهر البنى الميكرومترية، وتقنية "التناثر التداخلي" التي تلتقط الضوء المرتد وتكشف تفاصيل البروتينات المفردة. الجمع بين الاثنين سمح بالتغلب على معضلة قديمة في علم التصوير: إما الدقة أو المجال الواسع، أما الآن فالصورتان تجتمعان في مشهد واحد غني بالمعلومات.


رؤية أوضح لحظة موت الخلية

لاختبار قدرات الجهاز، ركز الباحثون عدسته على عملية موت الخلايا المبرمج. في لقطة واحدة، استطاعوا تسجيل التغيرات الحاصلة في المكونات الكبيرة للخلية وتتبّع حركة دقائق أصغر آلاف المرات، مع القدرة على تقدير حجم كل جسيم ومعامل انكساره. بذلك لم تعد الصورة مجرد شكل، بل صارت وسيلة لقياس الخواص الفيزيائية والضوئية للجزيئات في الزمن الحقيقي.


آفاق بحثية تمتد إلى الفيروسات

بعد نجاح التجارب الأولى، يتطلع الفريق إلى تطبيق التقنية على جسيمات أصغر مثل الإكسوسومات والفيروسات، لتحديد أبعادها وخصائصها الضوئية الدقيقة. مثل هذا التقدير قد يغيّر أساليب المراقبة في البيولوجيا الجزيئية وصناعة الأدوية، حيث يمكن فحص فعالية العلاجات دون التأثير في أنسجة الخلايا نفسها.

ذو صلة

علاقة الضوء بالحياة

في جوهر الأمر، لا يُعد هذا الاختراع تطويرًا بصريًا فحسب، بل طريقة جديدة للتفكير في الكيفية التي نتعامل بها مع المادة الحية. كل فوتون يتحرك داخل الخلية يحمل معلومة، والقدرة على قراءة مساره في الاتجاهين تمثل لغة جديدة لترجمة ما يدور في أعماق الحياة. ومع اتساع إمكانات المراقبة من الميكرو إلى النانو، ربما نكون على أعتاب مرحلة تُكتب فيها الفيزياء والبيولوجيا بقلم واحد من نور.

ذو صلة