ذكاء اصطناعي

سباق الذكاء الاصطناعي يحتدم في الخليج باستثمارات ضخمة من مايكروسوفت وIBM

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

شهد معرض "جيتكس غلوبال 2025" إعلان مايكروسوفت وIBM عن توسيع استثمارات الذكاء الاصطناعي بالخليج.

خصصت مايكروسوفت 80 مليار دولار عالميًا لتعزيز بنيتها في الإمارات لتحقيق رؤيتها التقنية.

تستثمر IBM 200 مليون دولار في مختبر السعودية، لدعم أسواق مثل المصارف والاتصالات.

قدّر PwC أن الذكاء الاصطناعي سيضيف 320 مليار دولار لاقتصادات الشرق الأوسط بحلول 2030.

تعاون دول الخليج في مشاريع تقنية يهدف لتحويل المنطقة إلى مختبر فعلي لتجريب النماذج الكبرى.

شهد معرض "جيتكس غلوبال 2025" في دبي تحولًا بارزًا في خريطة استثمارات الذكاء الاصطناعي عالميًا، بعدما أعلنت شركتا "مايكروسوفت" وIBM عن توسيع نطاق أعمالهما في المنطقة الخليجية، في خطوة تعزز الدور المتنامي للإمارات والسعودية كمراكز إقليمية لتطوير تقنيات المستقبل.


استثمارات بمليارات الدولارات لتوطين الذكاء الاصطناعي

خصصت "مايكروسوفت" هذا العام ما يقرب من 80 مليار دولار عالميًا لتقوية بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي، وفق ما أكده مديرها العام في الإمارات، عمرو كامل، موضحًا أن جزءًا أساسيًا من هذه الاستثمارات يتركز في الدولة نفسها. الهدف المعلن هو دعم رؤيتها للتحول إلى "عاصمة عالمية للذكاء الاصطناعي" عبر مشاريع تشمل الحوسبة السحابية، ومراكز البيانات، والمنصات التعليمية والمجتمعية.

كما أطلقت الشركة ضمن شراكاتها مع الحكومة الإماراتية مبادرات ضخمة لتأهيل القوى العاملة، منها تدريب مليون مستخدم على تقنيات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027، وتأهيل مئة ألف موظف حكومي لاستخدام الأدوات الذكية في إدارة الخدمات. هذه الأرقام تعكس استراتيجية بعيدة المدى تتجاوز مرحلة "الاستهلاك التقني" إلى "إنتاج المعرفة"، وهو ما قد يمهّد الطريق لتصدير حلول ومنتجات مطورة في المنطقة إلى أسواق دولية.


“التحول نحو مرحلة التصنيع والتصميم المسؤول للذكاء الاصطناعي يُعد خطوة فارقة في تموضع المنطقة داخل هذا السباق العالمي”، بحسب مايكروسوفت.


IBM تراهن على البحث والتكامل المحلي

من جانبها، عززت شركة IBM وجودها في الخليج عبر إنشاء مختبر برمجيات للذكاء الاصطناعي في السعودية باستثمار يتجاوز 200 مليون دولار، يهدف إلى تطوير حلول مخصصة للأسواق المحلية في مجالات المصارف، الاتصالات، والإدارات الحكومية. كما أعلنت عن تعاون بحثي مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج لغوية تدعم خمس لهجات عربية مختلفة، في محاولة لجعل الأنظمة أكثر توافقًا مع المستخدمين في المنطقة.

  • تعاون مع "إي آند" لتطوير تطبيقات ذكية في الاتصالات.
  • اتفاقيات مع بنوك قطرية ومؤسسات حكومية كويتية.
  • توسيع البنية التحتية السحابية لخدمة عمليات التحليل الفوري.

يرى المدير الإقليمي لـIBM شكري عيد أن الزخم الحالي يعكس نضوج البنية الرقمية في دول الخليج، مؤكدًا أن المؤسسات بدأت تدرك العائد التجاري المباشر من تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة البيانات التشغيلية وخدمة العملاء. أما من الناحية البحثية، فتبني نماذج لغوية محلية يمثل خطوة رئيسية في سد الفجوة التقنية بين اللغة العربية والنماذج العالمية.


سوق خليجية تتسابق لبناء "اقتصاد المعرفة"

تشير تقديرات شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف نحو 320 مليار دولار إلى اقتصادات الشرق الأوسط بحلول عام 2030، مع تصدر السعودية والإمارات لقائمة الدول المستفيدة بفضل سياساتهما الاستثمارية المكثفة. السعودية مثلًا أطلقت صندوقًا بقيمة 40 مليار دولار بالشراكة مع "أندريسن هورويتز"، فيما تعمل الإمارات عبر شركة "MGX" على جمع 25 مليار دولار لصندوق البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

ويأتي حصول الإمارات مؤخرًا على موافقة لتصدير شرائح "إنفيديا" المتقدمة، إلى جانب مشروع "ستارغيت الإمارات" بالتعاون مع "أوبن إيه آي"، ليؤكد انتقال المنطقة من مرحلة "الاستهلاك للخدمات السحابية" إلى بناء منظومات إنتاجية مستدامة للذكاء الاصطناعي. يمكن قراءة هذا التحول في سياق المنافسة العالمية على "سيادة البيانات"، حيث تسعى الدول إلى امتلاك قدراتها التقنية محليًا بدل الاعتماد الكامل على مزودي الخدمات الأجانب.


آفاق جديدة لما بعد "مراكز البيانات"

ذو صلة

ما يجري في الخليج اليوم لا يقتصر على إنشاء مراكز بيانات أو توقيع اتفاقيات رمزية، بل يعكس تحولًا هيكليًا في الاقتصاد الرقمي نفسه، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من البنية السيادية لدول المنطقة. ومع انفتاح الأسواق الاستثمارية وظهور مبادرات بحثية ولغوية تنافس عالميًا، يبدو أن السؤال القادم لن يكون "متى تصل التقنية؟"، بل "ماذا سنفعل بها محليًا؟".

فإذا كانت المرحلة الأولى من التحول الرقمي اعتمدت على "الاستيراد"، فإن الموجة المقبلة تفتح الباب أمام "إعادة التوطين" في المجال الذكي، لتتحول منطقة الخليج إلى مختبر فعلي لتجريب النماذج الكبرى وتطبيقاتها. وهنا، ربما تتحدد ملامح المشهد التقني العربي لعقد قادم بأكمله.

ذو صلة