مايكروسوفت تطلق رصاصة الرحمة على “الكتابة”: هل انتهى عصر هندسة الأوامر للأبد؟

3 د
مايكروسوفت تطلق أداة Promptions لتستبدل كتابة الأوامر النصية بواجهة خيارات وأزرار ديناميكية جاهزة.
الأداة تعالج مشكلة "التجربة والخطأ" المرهقة، حيث تولد خيارات بناءً على سياق المحادثة (مثل: النبرة، الطول، الجمهور).
الخطوة تعزز الرأي القائل بأن "هندسة الأوامر" كانت مرحلة مؤقتة، وأن المستقبل لـ "اختيار الأوامر" (Prompt Selection).
تحويل الإبداع إلى "قوالب" قد يؤدي لنتائج نمطية مملة ويقتل اللمسة الشخصية التي تميز المحتوى البشري.
الأداة موجهة أساسًا لبيئات العمل لتوحيد مخرجات الذكاء الاصطناعي وتقليل الوقت المهدر في الدردشة.
لطالما قيل لنا في العامين الماضيين أن "هندسة الأوامر" (Prompt Engineering) هي وظيفة المستقبل، وأن قدرتك على رصّ الكلمات وتنميقها هي المهارة التي ستحميك من البطالة. لكن، ماذا لو أخبرتك مايكروسوفت الآن أنك لست مضطرًا للكتابة أصلاً؟ يبدو أن عملاق البرمجيات قرر القضاء على آخر معاقل الكتابة البشرية في التعامل مع الآلة، مستبدلاً "إبداع الكلمات" ببرود "الأزرار". إطلاق إطار العمل الجديد Promptions ليس مجرد تحديث تقني، بل هو إعلان صريح بأن عصر التحدث مع الآلة قد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة لصالح "النقر" عليها.
وداعًا لمربع النص، أهلاً بقوائم الاختيار
في خطوة مفاجئة تستهدف قطاع الأعمال والمطورين، كشفت مايكروسوفت عن أداة مفتوحة المصدر تُدعى Promptions (دمج بين Promptions و Options). الفكرة جذرية: بدلاً من ترك المستخدم يصارع "لعنة المؤشر الوامض" (Blinking Cursor) ويخمن الكلمات المناسبة للحصول على نتيجة جيدة، يقوم النظام بتحليل نية المستخدم وتوليد واجهة تحكم ديناميكية فورية.

بمعنى آخر، بدلاً من أن تكتب: "أعد صياغة هذا النص ليكون احترافيًا وموجهًا للمدراء التنفيذيين"، سيظهر لك زرّان: [النبرة: احترافية] و [الجمهور: مدراء]. أنت تنقر، والذكاء الاصطناعي ينفذ. لا سحر لغوي، ولا "هندسة" معقدة.
اعتراف ضمني بفشل "هندسة الأوامر"
هذا التحول يكشف عن حقيقة لطالما تم تجاهلها: الناس يكرهون التخمين. أبحاث مايكروسوفت وجدت أن الموظفين يقضون وقتًا أطول في صياغة السؤال (Prompt) وتعديله مما يقضونه في الاستفادة من الإجابة. "حلقة التجربة والخطأ" هذه تقتل الإنتاجية.
التحول نحو الواجهات الديناميكية (Dynamic UI) يعالج ما يسمى بـ "عنق زجاجة الفهم". المستخدم يعرف ماذا يريد (نتيجة)، لكنه لا يعرف كيف يطلبها (أوامر).

لذا، قررت مايكروسوفت سحب "الميكروفون" من يد المستخدم وإعطائه "لوحة تحكم" بدلاً من ذلك.
هل هي "هندسة" حقًا أم مجرد "تلاعب بالكلمات"؟

دعونا نكن صادقين للحظة ونناقش الفيل في الغرفة. مصطلح "هندسة الأوامر" كان دائمًا محل جدل. في رأيي، تسميتها "هندسة" هو مبالغة تسويقية؛ هي في الحقيقة "كتابة". أنت لا تبني جسرًا بحسابات فيزيائية دقيقة، أنت ترتب كلمات لتقنع نموذجًا لغويًا بفهمك. ومع Promptions، يبدو أننا نتجه لأتمتة هذه العملية أيضًا.
هذه الخطوة تبدو كمحاولة أخيرة للقضاء على كل ما يتعلق بالكتابة. إذا كنا سابقًا نكتب لنحصل على نص، الآن لن نكتب حتى الطلب! سنصبح مجرد "مشغلي أزرار". الخطر هنا يكمن في التنميط (Standardization). عندما يستخدم الجميع نفس الزر للحصول على "نص إبداعي"، النتيجة ستكون قوالب مكررة خالية من الروح، لأن "اللمسة الشخصية" في صياغة الأمر هي ما كانت تصنع الفرق.
سيناريوهات الواقع: بين الكفاءة وفقدان السيطرة
كيف سيؤثر هذا التغيير على المستخدمين؟
- للمستخدم العادي (المستفيد الأكبر): تخيل أن تسأل عن "تفسير مرض السكري"، فتظهر لك أزرار: [لمريض]، [لطالب طب]، [لطفل]. هذا يوفر ساعات من القراءة غير المجدية.
- للمحترف المبدع (المتضرر المحتمل): الاعتماد على الأزرار قد يجعلك كسولاً ذهنيًا. إذا كانت الخيارات المتاحة لا تغطي زاوية إبداعية معينة في رأسك، قد تجد نفسك محاصرًا داخل "صندوق مايكروسوفت" للخيارات، بدلاً من فضاء اللغة الواسع.

"الانتقال من 'هندسة الأوامر' إلى 'اختيار الأوامر' يوفر مسارًا لنتائج ذكاء اصطناعي أكثر اتساقًا عبر المؤسسات."
— — تقرير AI News
الخلاصة: موت "الهندسة" وحياة "الاختيار"
إطلاق Promptions يرسل رسالة واضحة: المستقبل ليس لمن يكتب أفضل أمر (Prompt)، بل لمن يختار أفضل مسار. قد تنجح هذه الأداة في رفع إنتاجية الشركات بشكل هائل عبر تقليل الوقت الضائع في المحادثات العبثية مع الذكاء الاصطناعي.
الرأي النهائي: رغم الكفاءة المرعبة لهذه الأداة، إلا أنها تسلبنا جزءًا من "بشريتنا" في التعامل مع التكنولوجيا. اتباع القوالب والأزرار دون إدخال لمستك الشخصية وصياغتك الفريدة سيجعل النتائج "آلية" ومملة للغاية. قد تختفي وظيفة "مهندس الأوامر" كلقب وظيفي، لكن القدرة على التفكير النقدي خارج "الأزرار المتاحة" ستظل العملة النادرة التي لا يمكن أتمتتها.









