ذكاء اصطناعي

إيلون ماسك يطلق منصة جديدة تهدد عرش ويكيبيديا

مصطفى يسري
مصطفى يسري

2 د

إيلون ماسك يطلق موقع "غروكيبيديا" كمنافس جديد لويكيبيديا المعروفة.

المشروع يستند إلى ذكاء اصطناعي وتتغير فلسفة إنتاج المعرفة في الإنترنت.

يطرح الموقع أسئلة حول الحياد في عصر تسيطر فيه الخوارزميات على المعرفة.

يضع "غروكيبيديا" الذكاء الاصطناعي في مكانة الحكم على الحقيقة الرقمية.

مستقبل المعرفة في شبكة الإنترنت يشهد تحولاً كبيرًا مع ظهور مشاريع مثل غروكيبيديا.

على شاشة هاتفه المزدحمة بالتنبيهات، كتب إيلون ماسك جملة قصيرة: «Grokipedia.com الآن مباشر». لم تمر سوى دقائق حتى كانت الأضواء الرقمية مسلطة على المشروع الجديد الذي يعده البعض تحديًا مفتوحًا لأحد أكثر مواقع المعرفة استقرارًا عبر الإنترنت: ويكيبيديا. وبين سطر وأخر، تتكشف خلف هذه الخطوة قصة جديدة عن علاقة التقنية بالحقيقة، وبمن يملك روايتها.


معركة الرواية الرقمية

إطلاق “غروكيبيديا” لا يمكن قراءته كخبر إطلاق موقع فقط، بل كفصل جديد في صراع السرديات على الإنترنت. ماسك، الذي لم يُخفِ انتقاده المستمر لويكيبيديا واتهامه لها بالتحيز، يختبر هنا فرضيته القديمة: أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصيغ موسوعة أكثر «صدقًا» وأقل خضوعًا للأيديولوجيا. لكن السؤال الأعمق هو: هل يمكن للآلة أن تُعيد تعريف الحياد؟


الذكاء الاصطناعي ككاتب موسوعي

تشير التقارير إلى أن المحتوى في غروكيبيديا ينبع من نموذج الذكاء الاصطناعي نفسه الذي يدعم روبوت الدردشة “Grok”. هذا يعني أن المعرفة تُبنى هنا بالاستناد إلى تعلّم آلي ضخم، لا إلى مجتمعات متطوعين كما في ويكيبيديا. اختلاف المنهج هذا يعكس تحوّلًا فلسفيًا: من “الحكمة الجماعية” إلى “التنقيب الذكي”. إنها تجربة قد تغيّر طريقة إنتاج المعرفة على الإنترنت، لكنها أيضًا تضع الذكاء الاصطناعي في موقع الحكم على الحقيقة.


ما بين الحياد والأيديولوجيا

يصف الموقع نفسه بأنه يسعى إلى «الحقيقة الكاملة»، لكنه يبدأ بموقف نقدي تجاه ويكيبيديا بوصفها منحازة أيديولوجيًا. هذه الازدواجية تثير تساؤلًا حول طبيعة الحياد في العصر الرقمي: هل يمكن لأي منصة أن تدّعي براءة الرأي في بيئة تتشكل فيها المعرفة بالخوارزميات والتفضيلات الشخصية؟

"في زمن تتنافس فيه الخوارزميات على تشكيل الوعي، يصبح الحياد أغلى من الحقيقة ذاتها."


الجانب الإنساني للمعرفة الرقمية

من الناحية الإنسانية، تمثل ويكيبيديا مثالًا على ما تصنعه المشاركة الإنسانية الطوعية من موسوعة حية تتطور كل لحظة. أما مشروع غروكيبيديا فيحمل نكهة مختلفة: موسوعة تولد من نموذج لغوي يُفكر بمعزل عن البشر. المقارنة ليست في الكم فقط — ويكيبيديا تضم أكثر من سبعة ملايين مقالة بالإنجليزية — بل في الروح التي تقف وراء كل نص.

ذو صلة

مستقبل المعرفة في عصر ماسك

أن يبني إيلون ماسك موسوعة جديدة لا يعني فقط أنه ينافس موقعًا عمره عقدان، بل أنه يريد إعادة تعريف مصدر الحقيقة في شبكة تزداد فوضاها. ربما يجد غروكيبيديا طريقها إلى جمهور يؤمن بالآلة أكثر من الجماعة، وربما تنطفئ بعد ضجة البداية. ما هو مؤكد أن مستقبل المعرفة لن يعود كما كان؛ فالحوار حول الحقيقة انتقل الآن إلى خوادم الذكاء الاصطناعي.

ذو صلة