نتفليكس تكشف خططها لأفلام وارنر بروس وتلمّح لإطلاق باقة HBO جديدة
تسعى نتفليكس للاستحواذ على وارنر براذرز ديسكفري ضمن صفقة تثير المخاوف من الاحتكار.
ترغب نتفليكس في الحفاظ على هوية HBO كمنتج للدراما الراقية مع عروض اشتراك مخصصة.
تؤكد نتفليكس التزامها باستمرار عرض أفلام وارنر براذرز في دور السينما التقليدية.
الصفقة تواجه انتقادات من الجهات الرقابية والبيت الأبيض بشأن التأثير على المنافسة.
تهدف نتفليكس إلى توسعة فرص العمل في استوديوهات وارنر براذرز واستثمار الكفاءات المحلية.
بينما يزداد المشهد الإعلامي العالمي تشابكًا، يظهر اسم «نتفليكس» هذه المرة ليس كمنصة بث رقمية فقط، بل كقوة اقتصادية تحاول إعادة رسم حدود صناعة السينما. في خطوة غير مسبوقة، أعلنت الشركة عزمها على الاستحواذ على «وارنر براذرز ديسكفري» لتضم إليها علامات شهيرة مثل HBO، في صفقة أثارت المخاوف من الاحتكار لكنها وُصفت من قيادة نتفليكس بأنها "مكسب للمستهلكين وصناعة المحتوى على حدٍ سواء".
نتفليكس تدخل السينما من باب وارنر براذرز
رغم شهرتها كبوابة رقمية جعلت المشاهدة المنزلية معيارًا جديدًا، فإن نتفليكس تؤكد أنها لا تنوي طمس تجربة الترفيه التقليدية. فقد صرّح المدير التنفيذي تيد ساراندوس بأن أفلام وارنر براذرز ستواصل طريقها إلى دور العرض تمامًا كما تفعل اليوم، في رسالة مطمئنة لعشاق السينما وصنّاعها الذين يخشون من هيمنة منصات البث على الشاشة الكبيرة.
بهذه الخطوة، تنتقل نتفليكس من تقديم المحتوى فحسب إلى المشاركة في إنتاجه وتوزيعه على نحو أوسع. إنها تسعى لامتلاك حلقة صناعة الفيلم كاملة، من الاستوديو إلى المسرح إلى منصة البث، في مسار يعيد تعريف مفهوم "الاستوديو الشامل" في القرن الحادي والعشرين.
انشغال عالمي بمخاوف الاحتكار
الصفقة الضخمة سرعان ما جذبت الأنظار من الهيئات الرقابية وحتى من البيت الأبيض، وسط تساؤلات حول أثرها في المنافسة داخل سوق الترفيه الرقمي. ومع ذلك، استندت نتفليكس إلى بيانات من شركة "نيلسن" توضح أنها لا تزال تحتل مرتبة متأخرة من حيث حصص المشاهدة مقارنةً بعمالقة آخرين مثل يوتيوب وديزني، لتبرر بأن الاندماج لن يؤدي إلى هيمنة مطلقة بل إلى مزيج أكثر تنوعًا للمستهلكين.
تختبر هذه الصفقة أيضًا مفهوم "العدالة الرقمية" حين يجتمع المحتوى الكلاسيكي الذي صنع ذاكرة الأجيال مع نموذج البث عند الطلب، إذ تتغيّر معايير النجاح من الإيرادات الأسبوعية إلى معدلات المشاركة وخوارزميات التوصية.
عودة HBO بملامح جديدة
أشارت نتفليكس إلى نيتها الحفاظ على هوية HBO المعروفة بإنتاج الدراما الراقية والمسلسلات السينمائية العميقة، مع إمكانية طرح محتواها كإضافة مدفوعة أو فئة اشتراك مخصصة داخل النظام الحالي. هذا النموذج قد يفتح الباب أمام تحولات جديدة في طريقة تسعير المشاهدة الرقمية، حيث يصبح للمستخدم حرية تخصيص تجربته الممتدة من الإعلانات إلى المحتوى المميز.
تأثير الصفقة على الوظائف وسوق الإنتاج
في مواجهة الانتقادات، وعدت نتفليكس بضخ استثمارات أكبر في استوديوهات وارنر براذرز وتوسيع فرص العمل بدل تقليصها. هذا التصريح لا يعكس فقط رغبة دفاعية عن الصفقة، بل أيضًا استراتيجية للاستثمار في الكفاءات المحلية وصياغة توازن بين الابتكار الرقمي وحماية الوظائف التقليدية في هوليوود.
إن مستقبل سوق الإنتاج التلفزيوني والسينمائي مرهون بقدرة الشركات على دمج التكنولوجيا مع الإبداع الإنساني؛ وكل عملية دمج كبرى تحمل في داخلها بذور تطورٍ أو خطرٍ محتمل على التنوع الثقافي.
بين السينما والمنصة: ملامح مرحلة جديدة
من الواضح أن نتفليكس لا تكتفي بتوسيع مكتبتها، بل تسعى إلى ترسيخ وجودها بوصفها المحور المركزي لتجربة المشاهدة المعاصرة، حيث تتداخل القاعات المظلمة مع الشاشات الصغيرة في دورة واحدة من الإنتاج والاستهلاك. هذه الرؤية تعكس التحول الأكبر في مفهوم الصناعة الترفيهية نفسها: لم تعد المسألة "أين نشاهد؟" بل "كيف نعيش الحكاية؟".
ربما تمثل هذه الصفقة بداية إعادة رسم المنافسة بين البث والسينما التقليدية، لكنها أيضًا فرصة لاختبار ما إذا كانت التكنولوجيا قادرة على حماية الفن حين تُستخدم لبناء الجسور لا لجعل المحتوى سلعة عابرة.









