إنفيديا تتوسع بحصة جديدة بعد شراء أسهم نوكيا بمليار دولار

في مشهد يذكّر بعودة التحالفات الكبرى إلى قلب صناعة الاتصالات، أكملت نوكيا في الثالث عشر من نوفمبر 2025 إصدار أسهم موجّهة لصالح إنفيديا بقيمة مليار دولار. خطوة تبدو على الورق كصفقة مالية، لكنها في جوهرها إعلان عن مرحلة جديدة تتقاطع فيها شبكات الجيل السادس مع الذكاء الاصطناعي في عمق البنية التحتية للاتصال.

من خلال هذا الإصدار زادت حصة إنفيديا في نوكيا إلى نحو 2.9%، بعد تسجيل أكثر من 166 مليون سهم جديد بسعر 6.01 دولارات للسهم الواحد. هذا ليس مجرد دعم مالي لشركة اتصالات عريقة، بل هو رهان على دمج قوة الحوسبة الرسومية من منصة CUDA مع خبرة شبكات الراديو التي بنتها نوكيا لعقود. ويدرك الطرفان أن التطور من 5G إلى 6G لن يكون قفزة في السرعة فقط، بل في طريقة معالجة الذكاء داخل كل خلية شبكية.

المشروع المشترك بين الشركتين يهدف إلى بناء شبكات «AI-Native» قادرة على معالجة البيانات والقرارات داخل الشبكة نفسها دون الاعتماد الكامل على مراكز البيانات البعيدة. هذا يعني أن الهاتف، أو السيارة المتصلة، أو حتى المستشعر الصناعي، سيكون أقرب إلى مركز ذكاء مصغّر. تصريحات الرئيس التنفيذي لنوكيا، جاستن هوتارد، عبّرت بوضوح عن طموح الشركة في جعل «مركز البيانات داخل جيب كل شخص» من خلال هندسة جديدة للراديو تُعرف باسم «AI-RAN».

ولا تقتصر أبعاد الشراكة على شبكات الاتصالات فقط، إذ تمتد إلى ميدان مراكز البيانات التي تتسارع لتصبح القلب الصامت لعصر الذكاء الاصطناعي. من المنتظر دمج برنامج نوكيا SR Linux مع منصة إنفيديا Spectrum‑X للإيثرنت، ما يعني خلق بيئة متكاملة تدير حركة البيانات الهائلة بكفاءة أكبر. تزامن ذلك مع إعلان نوكيا عن جيل جديد من المفاتيح الشبكية 7220 IXR التي تصل سرعتها إلى 102.4 تيرابت في الثانية، وكأنها تمهد الطريق لمستوى جديد من «الثقة في الاتصال» كما تصفه الشركة.

التفاعل في الأسواق كان سريعًا، إذ قفز سعر سهم نوكيا بأكثر من 20% بعد الإعلان الأولي عن التعاون في أكتوبر الماضي. المستثمرون يرون في هذه الخطوة عودة محتملة لشركة نوكيا إلى الواجهة العالمية بعد سنوات من إعادة الهيكلة. ومن الجانب الآخر، تؤكد إنفيديا أنها لا تبحث فقط عن مكون جديد في عتادها، بل عن موطئ قدم عميق في قطاع الاتصالات الذي يتهيأ ليصبح المنصة الأكثر استهلاكًا لقدرات الذكاء الاصطناعي.

تعاون نوكيا وإنفيديا يعيد صياغة مفهوم الشبكة من كونها قناة نقل إلى بنية إدراك وفهم. وإذا نجحت الاختبارات الميدانية مع شركات مثل تي‑موبايل خلال 2026، فقد نشهد تحولًا جوهريًا في طريقة تصميم البنية التحتية والبرمجيات التي تدير العالم المتصل. إنها ليست مجرد أسهم جديدة في البورصة، بل بذور لجيل من الشبكات يُفكر ويتعلم في الوقت الحقيقي. وبينما تتقاطع الرؤى نحو 6G، يبدو أن الذكاء الاصطناعي لم يعد عنصرًا داعمًا، بل أصبح جوهرًا يحرك نبض الاتصال ذاته.