ذكاء اصطناعي

تأجيل توريد رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الإمارات يثير استياء رئيس إنفيديا وضغوط أمريكية لتسريع الاستثمارات

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

تصاعد التوتر بين إنفيديا والحكومة الأمريكية بسبب تأخير صفقة شرائح الذكاء الاصطناعي.

تطمح الإمارات إلى تطوير مراكز بيانات متخصصة بالذكاء الاصطناعي عبر شركتها G42.

تتخوف واشنطن من تدفقات تقنية قد تصل بشكل غير مباشر إلى السوق الصينية.

التعاون بين واشنطن وأبوظبي بات أكثر تعقيدًا بسبب الاعتبارات السياسية والتقنية.

تمنح الصفقة المؤجلة إشارات على إعادة تشكيل خريطة النفوذ التكنولوجي الدولي.

شهدت الأيام الأخيرة توتراً نادراً بين إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم والحكومة الأمريكية، بعد أن أبدى المدير التنفيذي لـ إنفيديا، جينسن هوانغ، امتعاضه من تأخّر اعتماد صفقة توريد شرائح الذكاء الاصطناعي إلى الإمارات العربية المتحدة، والتي قُدّرت قيمتها بمليارات الدولارات. فبينما تنتظر إنفيديا الضوء الأخضر من واشنطن لتصدير أحدث شرائحها، يقف الاتفاق حتى الآن على مفترق مصالح سياسية واقتصادية ودبلوماسية معققة.


خلفية الصفقة وعُقدة الاستثمار المتبادل

تعود تفاصيل الاتفاق إلى إعلانٍ تم خلال زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الإمارات، حيث تعهّدت أبوظبي بضخّ استثمارات تصل إلى مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، مقابل حصولها على حصة مماثلة في شرائح إنفيديا المتقدمة. لكن بحسب تقرير من صحيفة وول ستريت جورنال، فإن الإمارات لم تنهِ بعد التزاماتها الاستثمارية، وهو ما جعل وزارة التجارة الأمريكية تُرجئ إصدار تراخيص التصدير.

تأتي المسألة في سياق تزايد حساسية الولايات المتحدة تجاه صفقات التكنولوجيا مع دول ترتبط بعلاقات وثيقة بالصين، ما جعل الرخص التكنولوجية وعمليات التبادل ذات البعد الإستراتيجي تمرّ عبر فلاتر أشدّ صرامة.


من المسؤول عن التأخير؟

تشير مصادر قريبة من الملف إلى شكاوى غير رسمية من أن وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك يتسبب في تأخير الصفقة، بينما نفت أطراف أخرى ذلك، مؤكدة أن الشركة لا ترى ما يثير القلق في مسار الموافقات. موقف الحكومة كان أكثر دبلوماسية، إذ صرّح متحدث باسم البيت الأبيض بأن المستشار ديفيد ساكس ووزير التجارة "يعملان بجدّ لدفع الاتفاق بما يخدم مصلحة الشعب الأمريكي".

  • تُعتبر رخص تصدير الشرائح من إنفيديا جزءاً من استراتيجية الأمن التقني الأمريكي.
  • تسعى الإمارات إلى تطوير مراكز بيانات متخصّصة بالذكاء الاصطناعي عبر شركتها G42.
  • تأخر تنفيذ صفقة الاستثمار المتبادل عطّل جدول التوريد لعدة أشهر.
  • تُثار مخاوف في واشنطن من تدفقات تقنية قد تصب في السوق الصينية بطريقة غير مباشرة.

تحالف بين الطاقة والاستراتيجية التقنية

تراهن الإمارات على مشاريع كـ Stargate UAE، الذي يُتوقع أن يكون من أكبر مراكز الحوسبة في المنطقة، بالشراكة مع OpenAI ضمن مبادرتها التوسعية "OpenAI for Countries". يهدف المشروع إلى تعزيز البنى التحتية للذكاء الاصطناعي محلياً، بما يكفل تقليل الاعتماد على موفّري الخدمات الغربيين.

هذا التوازن الجديد بين الاستثمار السياسي والتقني يجعل التعاون بين واشنطن وأبوظبي أكثر تعقيداً؛ إذ لا يتعلق فقط بتمويل مشاريع اقتصادية، بل أيضاً بتوجيه مستقبل القوة الحوسبية ومن يملك مفاتيحها. في المقابل، ترى شركات التكنولوجيا الأمريكية أن تأخير التراخيص يُكلّفها تنافسية ثمينة أمام الصين التي تُسرّع خطوات بناء نظمها المتقدمة في الذكاء الاصطناعي.


إشارات إلى إعادة رسم خريطة النفوذ التكنولوجي

ذو صلة

الصفقة المؤجلة تعكس تحوّلاً أعمق في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع شركائها في الشرق الأوسط، إذ لم تعد التكنولوجيا تُقايض بالنفط أو العقود الدفاعية فقط، بل بالاستثمارات ذات الطابع السيادي والابتكارات المشتركة. وإذا كانت الإمارات قد نجحت في جعل نفسها مركزاً مالياً ولوجستياً عالمياً خلال العقدين الماضيين، فإن انتقالها إلى دور "المركز الحوسبي" للذكاء الاصطناعي في المنطقة سيشكّل مرحلة جديدة في العلاقة مع وادي السيليكون.

إن ما يبدو اليوم مجرد تأخير إداري قد يكون اختباراً لنمط جديد من الشراكات الدولية، حيث تتقاطع قرارات التجارة مع اعتبارات الأمن القومي وموازنة القوى الرقمية. ومع اشتداد سباق الشرائح بين الولايات المتحدة والصين، فإن قدرة بلدان مثل الإمارات على المناورة ضمن هذا المشهد ستحدّد موقعها في خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية خلال العقد المقبل.

ذو صلة