ذكاء اصطناعي

هل تنجح OpenAI وجوني إيف في بناء جهاز AI يعمل دائمًا دون إزعاج؟

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

تعاونت OpenAI مع جوني إيف في تطوير جهاز ذكاء اصطناعي يعتمد على التفاعل الصوتي والبصري فقط.

تأتي التحديات التقنية في محاولة تشغيل الجهاز دون أن يكون مزعجًا للمستخدم.

تشكل مسألة الخصوصية وكيفية إدارة البيانات الصوتية المعضلة الأكبر في المشروع.

نجاح هذا المشروع قد يمثل تحولًا في تصميم الأجهزة الشخصية نحو "الحوسبة اللامرئية".

دخول OpenAI في مجال الأجهزة الذكية يمنح المشروع أهمية خاصة نظرًا لقوة نماذجها اللغوية.

كشفت تقارير صحفية حديثة أن شركة OpenAI، بالتعاون مع المصمم الشهير جوني إيف، تواجه تحديات تقنية معقدة في مشروعها لتطوير جهاز ذكاء اصطناعي جديد يعمل دون شاشة ويعتمد بالكامل على التفاعل الصوتي والبصري. يأتي هذا المشروع الطموح كمحاولة لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والآلة، لكن العقبات التي تواجه الفريق تشير إلى أن الوصول لتجربة طبيعية تمامًا ما زال طريقًا طويلًا.


رؤية جديدة للحوسبة اليومية بدون شاشة

تعود جذور المشروع إلى استحواذ OpenAI في مايو الماضي على شركة “io”، وهي شركة ناشئة أسسها جوني إيف، مصمم منتجات Apple لأكثر من عقدين. بلغت قيمة الصفقة نحو 6.5 مليار دولار، في خطوة رأى فيها كثيرون محاولة من OpenAI لدخول سوق الأجهزة الذكية عبر مفهوم جديد بعيد عن الهواتف والشاشات. الهدف هو ابتكار جهاز بحجم راحة اليد قادر على فهم السياق من الأصوات والصور في البيئة المحيطة، والتفاعل مع المستخدمين بدرجة طبيعية غير مسبوقة.

بحسب ما أوردته صحيفة فاينانشال تايمز، يعمل الجهاز بنظام تشغيل دائم (always-on) يستمع باستمرار لبيئته المحيطة. ورغم أن المفهوم يعد خطوة متقدمة نحو التعامل الطبيعي مع الذكاء الاصطناعي، إلا أن الفريق يعاني من تحدٍ جوهري: ضمان أن الجهاز يتحدث فقط عندما يكون ذلك ضروريًا وينهي التفاعل في الوقت المناسب. هذه المعضلة التقنية تمس جوهر تجربة المستخدم، وتمثل الفارق بين منتج عبقري وآخر مزعج.


توازن دقيق بين الخصوصية والفاعلية

واحدة من أبرز العقبات التي أوردتها التقارير تتعلق بكيفية إدارة الجهاز لمسألة الخصوصية. فالعمل الدائم للاستماع وتحليل الأصوات يثير أسئلة حول تخزين البيانات ونقلها، لا سيما في ظل غياب شاشة تمنح المستخدم مؤشرات مباشرة لما يجري في الخلفية. يعتمد نجاح هذا النوع من الأجهزة على بناء ثقة المستخدم، وهو ما يتطلب بنية تحتية آمنة شفافة وعمليات معالجة محلية قدر الإمكان.

  • يعتمد الجهاز على تحليل الإشارات الصوتية والبصرية من البيئة لإدراك النوايا.
  • يستهدف إطلاقه التجريبي في عام 2026، وفقًا لتسريبات بلومبرغ.
  • يتبنى فريق التصميم فلسفة “الحد الأدنى من التفاعل المرئي” المستوحاة من تصميمات Apple السابقة.
  • لم تُعلن بعد تفاصيل تخص السعر أو نظام التشغيل المستخدم.

سباق الأجهزة الذكية: خطوة للأمام أم عودة للبدايات؟

السعي لتطوير أجهزة ذكاء اصطناعي مخصصة ليس جديدًا؛ فقد سبقت شركات مثل Humane وRabbit بتقديم أفكار مشابهة تجمع بين الصوت والرؤية بدلاً من الشاشة، ومع ذلك، فإن دخول OpenAI في هذا المسار يمنح الفكرة ثقلًا مختلفًا نظرًا لامتلاكها أحد أقوى نماذج اللغة في العالم.

لكن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في التصميم أو التقنية، بل في صياغة علاقة جديدة بين الإنسان والآلة تستبدل "اللمس" بـ"الفهم". فكلما اقتربت واجهات الذكاء الاصطناعي من محاكاة التفاعل الإنساني الطبيعي، ازداد عبء الأسئلة الأخلاقية حول السيطرة والشفافية. هذا البعد الإنساني قد يكون العامل الحاسم في ما إذا كان المستخدمون سيرحبون بجهاز يتحدث دائمًا باسمهم أم سيخشونه.


من مشروع تجريبي إلى مستقبل الحوسبة الشخصية

ذو صلة

إذا نجحت OpenAI في تجاوز عقبات الخصوصية والتشغيل الذكي، فقد تتحول تجربتها مع جوني إيف إلى نقطة تحول في تصميم الأجهزة الشخصية، شبيهة بالقفزة التي مثلها أول iPhone قبل عقد ونصف. الجمعية بين الذكاء اللغوي العميق والتفاعل الحسي المباشر قد تفتح بابًا لعصر جديد من «الحوسبة اللامرئية» حيث يكون الذكاء الاصطناعي حاضرًا في الخلفية دومًا، دون أن يحتاج المستخدم إلى النظر إليه.

بين الحذر والجرأة، تتحرك OpenAI نحو صياغة شكل جديد للتفاعل الإنساني-الرقمي. النجاح في هذا المشروع لن يكون مجرد إطلاق جهاز آخر، بل إعلان عن فلسفة مختلفة للحوسبة ترى الذكاء الاصطناعي ليس أداة، بل شريكًا يوميًا يدرك السياق ويتفاعل معه بعفوية. يبقى السؤال: هل العالم مستعدّ فعلاً لمستقبل لا يحتاج فيه إلى الشاشة؟

ذو صلة