ذكاء اصطناعي

OpenAI تسعى لجعل شات جي بي تي منصة رئيسية لمستقبل التكنولوجيا

مصطفى يسري
مصطفى يسري

4 د

أعلنت OpenAI في مؤتمر DevDay 2025 منصة جديدة تسمى "Apps SDK".

تهدف المنصة لتحويل ChatGPT إلى نظام تشغيل متكامل للتطبيقات.

يتيح للمطورين تشغيل تطبيقاتهم مباشرة داخل ChatGPT، مما يسهل تفاعل المستخدمين.

تشمل شركاء الإطلاق Spotify وCanva وZillow لتعزيز تنوع التجارب على المنصة.

تلقي المنصة الضوء على التحول نحو الحوسبة الحوارية كنظام جديد.

أعلنت شركة OpenAI خلال مؤتمر DevDay 2025 في سان فرانسيسكو عن منصة جديدة تحمل اسم “Apps SDK”، تهدف إلى تحويل ChatGPT من مجرد مساعد محادثة إلى منصة تطبيقات متكاملة، يمكن أن تصبح لاحقًا بمثابة “نظام تشغيل” للذكاء الاصطناعي. الخطوة تمثل تحولًا جوهريًا في الطريقة التي يتفاعل بها المستخدمون والمطورون مع الأدوات الرقمية، إذ تجمع التطبيقات ضمن حوار واحد دون الحاجة للتنقل بين مواقع أو برامج منفصلة.


ChatGPT يتحول إلى منصة تشغيل للتطبيقات

تضع OpenAI من خلال هذه الخطوة تصورًا جديدًا لتكامل البرمجيات، حيث تصبح المحادثة الوسيط الأساسي بين المستخدم والتطبيقات. وبحسب العرض الذي قدّمه الرئيس التنفيذي سام ألتمان، فإن التطبيقات أصبح بالإمكان استدعاؤها داخل المحادثة بصيغة طبيعية مثل: “Spotify، أنشئ قائمة تشغيل لحفل العشاء” أو “Zillow، اعثر على شقة في طوكيو تحت 3000 دولار”.

  • منصة Apps SDK تتيح للمطورين إنشاء تطبيقات يمكن إدراجها وتشغيلها داخل ChatGPT مباشرة.
  • المنصة مبنية على بروتوكول Model Context Protocol (MCP)، الذي يسهل ربط التطبيقات والخدمات بطريقة موحدة.
  • شركاء الإطلاق شملوا Spotify وCanva وZillow وCoursera وBooking.com، ما يعكس تنوع التجارب الممكنة داخل المنصة.

عمليًا، ما تقدّمه OpenAI يشبه “متجر تطبيقات داخل الذكاء الاصطناعي”؛ تجربة تُبقي المستخدم داخل واجهة واحدة يتحكم فيها الوكيل الذكي في تشغيل الخدمات وتنظيم البيانات. هذه المقاربة تختلف جذريًا عن الاتجاه الذي تسلكه شركات مثل Google وMicrosoft، اللتين تضيفان ميزات الذكاء الاصطناعي إلى متصفحات أو أنظمة تشغيل قائمة.


سباق المنصات: من يملك واجهة المستخدم القادمة؟

تزامن إطلاق المنصة مع تصاعد المنافسة في مجال الواجهات الذكية بين OpenAI وMicrosoft وGoogle وPerplexity، إذ يتخذ كل طرف مسارًا مختلفًا. فبينما تختار Google دمج قدرات Gemini مباشرة في متصفح Chrome، وتبني Microsoft منظومة “Copilot” داخل تطبيقاتها، تراهن OpenAI على أن المستخدمين سيتعاملون مع الذكاء الاصطناعي كنقطة البداية لكل مهمة رقمية، وليس كمجرد ميزة مضافة.

هذه الإستراتيجية تمنح OpenAI ميزة السيطرة على “طبقة الواجهة”؛ أي المساحة التي يقضي فيها المستخدم وقته. ومع تجاوز ChatGPT حاجز 800 مليون مستخدم أسبوعيًا، تُصبح المنصة الجديدة حلقة وصل بين الجمهور والمطورين، مع إمكانيات إيراد مستقبلية عبر نموذج مشاركة الأرباح.


قال سام ألتمان أثناء الإطلاق: “نطمح إلى جيل جديد من التطبيقات التفاعلية التي تفهم المستخدم وتتكيّف معه في الوقت الحقيقي”.


توازن التعاون والتنافس مع مايكروسوفت

رغم الشراكة الوثيقة بين OpenAI ومايكروسوفت، إلا أن العلاقة بين الطرفين آخذة في الدخول إلى مرحلة “التعاون التنافسي”. فالشركة المالكة لـWindows تبني منظومة مستقلة عبر Copilot Studio، تتيح للمؤسسات إنشاء وكلاء مخصصين ببياناتها الداخلية، في حين تركز OpenAI على امتلاك العلاقة المباشرة مع المستخدمين والمطورين الأفراد. هذه الازدواجية قد تعيد رسم خريطة التحالفات في بيئة الذكاء الاصطناعي التجاري خلال الأشهر المقبلة.

من الناحية التقنية، يمكن تشبيه الهيكلية الجديدة بـ“نظام تشغيل” مصغر: النماذج اللغوية تشكل النواة (Kernel)، وواجهات البرمجة تمثل طبقة النظام، بينما يؤدي ChatGPT دور الغلاف التفاعلي (Shell). ومع وجود واجهات تطوير وأدوات دفعات مدمجة، يبدو أن المنصة تتحرك فعليًا نحو نموذج الحوسبة الحوارية الشاملة.


ما الذي يعنيه هذا للمطورين ولطبيعة التطبيقات القادمة؟

يدخل المطورون اليوم بيئة أكثر انفتاحًا من متجر تقليدي، لأن ChatGPT يتيح لهم الوصول إلى قاعدة مستخدمين ضخمة دون المرور بسلاسل توزيع طويلة. لكن في المقابل، تظهر أسئلة حول الاعتماد المفرط على واجهة مملوكة لشركة واحدة قد تتحكم في القواعد والمعايير. التعامل مع هذه المفارقة بين “الفرصة” و“الهيمنة” سيكون اختبارًا مهمًا للجيل الجيد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.

ذو صلة

كما تشير هذه الخطوة إلى تحوّل تدريجي في فلسفة تطوير البرمجيات؛ من بناء تطبيقات منفصلة إلى تصميم خدمات صغيرة “متحاورة” تعمل كبنيات تحتية ذكية. هذا التحول قد يجعل الذكاء الاصطناعي العمود الفقري الفعلي للنظام الرقمي القادم، وليس مجرد طبقة مساعدة فوق التطبيقات.

في نهاية المطاف، تكشف منصة Apps SDK أن سباق الذكاء الاصطناعي لم يعد يدور حول من يمتلك الخوارزمية الأقوى، بل حول من يستطيع أن يكون الواجهة التي يبدأ منها المستخدم يومه الرقمي. والسؤال الأهم الآن: هل سيقبل المستخدمون بالعيش داخل نظام تشغيل تحكمه المحادثة؟ الإجابة ربما تحدد ملامح العقد التقني المقبل.

ذو صلة