بعد تحليل أكثر ١.٥ مليون محادثة: استخدام ChatGPT بات شخصيًا أكثر!

3 د
أظهرت دراسة OpenAI استخدامات جديدة لـ"شات جي بي تي" في الحياة اليومية للمهام الشخصية.
شهد 73% من الرسائل بحلول منتصف 2025 توجهات شخصية أكثر من العمل.
أصبحت الاستخدامات تشمل الإرشاد العملي والتعلّم، ما يعكس تحول أدوار الذكاء الاصطناعي.
ارتفعت نسبة المستخدمين من النساء وتزايدت نسبة الاستخدام في الدول الأقل دخلاً.
تنافس شديد بين "شات جي بي تي" و"جيميني" من غوغل يعكس تحول السوق الرقمي.
أعلنت شركة OpenAI عن نتائج دراسة بحثية هي الأولى من نوعها تكشف أنماط استخدام المستهلكين لتطبيق "شات جي بي تي" في المهام اليومية. الدراسة، التي استندت إلى تحليل أكثر من 1.5 مليون محادثة، أظهرت تحولًا لافتًا في طرق تفاعل الناس مع الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن الغالبية العظمى من الاستخدامات باتت شخصية وغير مرتبطة بالعمل. هذا التحول يعكس تغيرًا في مكانة التقنية داخل الحياة اليومية، حيث لم تعد محصورة في الإنتاجية والبرمجة، بل توسعت لتشمل الإرشاد والتعلّم وحتى الإبداع.
الاستخدام بُعد شخصي أكثر من وظيفي
تبيّن أن 73% من الرسائل الموجهة إلى "شات جي بي تي" في منتصف 2025 كانت لأغراض شخصية، مقارنة بـ53% فقط قبل عام واحد. هذا الارتفاع يوحي بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد امتيازًا للنخبة التقنية أو مكان العمل، بل أصبح أداة يومية تقترب من كونها مرافقًا شخصيًا رقميًا. وفقًا لما نقله تقرير شبكة CNBC، فإن أوسع حالات الاستخدام شملت الإرشاد العملي مثل الدروس الخصوصية، طلب النصائح، وتوليد الأفكار الإبداعية.
في المقابل، ظل الاستخدام المهني موجودًا لكن بتوزيع مختلف. أنشطة الكتابة هي الأكثر شيوعًا في سياق العمل، إذ مثّلت نحو 40% من الاستخدام الوظيفي. ومع ذلك، لم يكن المطلوب دومًا كتابة نصوص كاملة، بل غالبًا المراجعة، التدقيق أو الترجمة للنصوص القائمة.
ماذا تكشف البيانات عن أنماط التفاعل؟
الدراسة صنفت الرسائل بحسب طبيعة التفاعل - بين "طلب" و"تنفيذ" و"تعبير". اللافت أن نصف الرسائل كانت طلبًا مباشرًا للحصول على رأي أو مشورة، ما يشير إلى أن المستخدمين يرون الذكاء الاصطناعي مستشارًا أكثر منه منفذًا آليًا. أما في مكان العمل، فجاءت 56% من الاستخدامات "عملية"، مثل إعداد نصوص إدارية أو مساهمات تحريرية.
- الإرشاد العملي: أكثر الأنماط شيوعًا في الاستخدام اليومي.
 
- الكتابة: تتركز في الاستخدام الوظيفي وتمثل 40% منه.
 
- التحرير والترجمة: ثلثا طلبات الكتابة تتعلق بها.
 
- التوزيع الديموغرافي: فجوة الاستخدام بين الجنسين تقلّصت حتى طابقت النسب السكانية العامة.
 
الخلفية الديموغرافية شكّلت جانبًا آخر مهمًا. في 2024، بلغت نسبة النساء من المستخدمين حوالي 37%، لكن ومع منتصف 2025 ارتفعت لتتساوى تقريبًا مع النسب السكانية العامة. الأهم من ذلك، النمو السريع في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، التي سجلت معدلات استخدام بلغت أربعة أضعاف تلك المسجلة في البلدان الغنية.
بين منافسة الأسواق وتغيّر عادات الاستخدام
رغم الأرقام الكبيرة، لا يمكن فصل هذه النتائج عن مشهد المنافسة المتسارع. تطبيق "جيميني" من غوغل تصدّر مؤخرًا متجر تطبيقات "آبل"، متجاوزًا "شات جي بي تي"، ما يعكس حدة التنافس على جذب المستهلكين. في الوقت ذاته، تقدم OpenAI مستويات مدفوعة وخيارات للشركات عبر واجهات API ووكيل البرمجة Codex، ما يعزز انتشارها في بيئات العمل. وبالمقارنة مع أخبار مثل توسّع غوغل في الذكاء الاصطناعي، تبدو معركة الاستباق بين اللاعبين الكبار أكثر وضوحًا.
التغيير الجوهري ليس فقط في "كيف" تُستخدم الأداة، بل في "مَن" يستخدمها. انتشارها في مجتمعات كانت محرومة من الوصول المباشر للتكنولوجيا يفتح بابًا جديدًا للتأثيرات التعليمية والاقتصادية. وإذا كانت الخشية سابقًا مرتبطة باستبدال البشر، فإن النتائج الحالية تقول العكس: الأدوات الذكية تعزز الإنتاجية وتدعم قدرات الأفراد في الأعمال المعرفية.
يبقى السؤال مفتوحًا حول الكيفية التي ستعيد بها هذه التطورات صياغة العلاقة بين الإنسان والتقنية: هل سيبقى "شات جي بي تي" مجرد مساعد رقمي، أم أنه سيتحول تدريجيًا إلى وسيط معرفي وثقافي يتجاوز حدود المهام والوظائف؟ مع هذا الانتشار، يبدو أن الخط الفاصل بين الاستعانة بالذكاء الاصطناعي للاستخدام العملي واستخدامه كمصدر لبناء الأفكار والقرارات سيزداد ضبابية في السنوات المقبلة.









