ذكاء اصطناعي

إعلان من أوبن إيه آي غيّر قواعد اللعبة في DevDay 2025 ولم ينتبه إليه الكثيرون

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

طرحت OpenAI منصة «Codex» كمنتج رئيسي لفرق التطوير في المؤسسات الكبرى.

يعتمد Codex على نموذج GPT‑5‑Codex للتكويد المتقدم ودعم المهام البرمجية المعقدة لفترات طويلة.

تستخدم OpenAI Codex داخليًا بنسبة 90% وزاد الإنتاج بنسبة 70% مع مراجعات شبه آلية.

الشركات الكبيرة مثل «Cisco» خفّضت زمن مراجعة الأكواد وسرّعت تسليم المشاريع بشكل ملحوظ.

برامجي ذاتية البرمجة تثير تساؤلات حول دور المبرمج في عصر الذكاء الاصطناعي المتقدم.

شهد مؤتمر مطوري OpenAI لعام 2025 مجموعة من الإعلانات التي جذبت الأنظار، لكن خلف الأضواء، كان الإعلان الأهم هو طرح منصة «Codex» رسميًا لتكون المنتج الأبرز الموجّه لفرق التطوير في المؤسسات الكبرى، معلنًا تحول الذكاء الاصطناعي من أداة مساعدة إلى زميل برمجي فعلي داخل بيئات العمل.


من أداة تجريبية إلى ركيزة إنتاجية

انتقلت «Codex» من مرحلة المعاينة البحثية إلى الإتاحة العامة الكاملة، لتصبح منتجًا مدعومًا رسميًا من OpenAI ومجهزًا بـحزمة تطوير برمجيات متكاملة (SDK) وتكامل مباشر مع منصات عمل مثل Slack، إضافة إلى أدوات لإدارة الأمان والمراجعة داخل المؤسسات. هذا الانتقال يعزز ثقة الشركات في الاعتماد على الوكلاء البرمجيين لإتمام المهام الحساسة التي كانت تتطلب في السابق فرقًا بشرية كبيرة.

يرتكز الإصدار الجديد على النموذج المتخصص GPT‑5‑Codex الذي تم تدريبه خصيصًا لعمليات التكويد المتقدمة، ما يمنحه قدرة على التفكير التكيفي وتخصيص الجهد الحسابي وفق تعقيد المهمة. أي أن النموذج أصبح قادرًا على العمل لفترات طويلة على مهام تطويرية معقدة، وليس الاكتفاء بإكمال الأسطر البرمجية السريعة.


قال سام ألتمان خلال كلمته الافتتاحية: «لم يكن هناك وقت أفضل لبناء المنتجات، فالانتقال من الفكرة إلى التطبيق لم يعد يستغرق سوى دقائق».


ما الذي تغيّر فعليًا داخل فرق التطوير؟

  • اعتماد داخلي شبه كامل على Codex داخل OpenAI، حيث يستخدمه أكثر من 90% من المهندسين يوميًا.
  • زيادة معدل الإنتاج بنسبة 70%، مع مراجعة شبه آلية لجميع طلبات السحب (Pull Requests).
  • تفعيل خاصية المراجعة العميقة للشفرة البرمجية، القادرة على رصد الأخطاء المنطقية قبل المراجعة البشرية.
  • إطلاق التكامل المؤسسي المرن عبر Slack وحلول CI/CD، لتفعيل التصحيح الذاتي عند اكتشاف الأخطاء.

هذه التغييرات ليست شكلية؛ فالشركات التي اختبرت النظام، مثل «Cisco»، أعلنت عن تقليص زمن مراجعة الأكواد إلى النصف وتسريع تسليم المشاريع من أسابيع إلى أيام. هذه الأرقام تُظهر أن الذكاء الاصطناعي تجاوز مرحلة «المساعد الذكي» إلى دور المطوّر المنتج.


انعكاسات على سوق أدوات البرمجة المؤسسية

يمثل إطلاق Codex خطوة استراتيجية ضمن سعي OpenAI لترسيخ مكانتها داخل الشركات الكبرى، بمواجهة أدوات مثل GitHub Copilot. فبينما تركّز المنتجات الموجهة للمستهلك على الأتمتة السطحية، تركز Codex على عمق دورة التطوير، لتصبح جزءًا من بنية المؤسسة التقنية نفسها.

تأتي هذه الخطوة في وقت يتسارع فيه تحول الذكاء الاصطناعي من مرحلة «المساعد التفاعلي» إلى مرحلة «الوكيل المستقل»، حيث يمكن للنظام ليس فقط اقتراح حلول بل تنفيذها ومراجعتها وتحسينها وفق أهداف واضحة. هذا التحول يضع معايير جديدة لعلاقة الإنسان بالبرمجيات الإنتاجية.

ويشير تقرير VentureBeat إلى أن OpenAI تنظر إلى Codex باعتباره «المحرّك الخفي» لبقية منتجاتها الجديدة، بما في ذلك متجر تطبيقات ChatGPT وواجهة توليد الفيديو Sora 2. أي أن Codex لم يعد مجرد منتج جانبي، بل البنية التحتية التي تُبنى عليها منتجات الذكاء الاصطناعي المستقبلية للشركة.


مستقبل التكويد: الشيفرة تكتب نفسها؟

ذو صلة

المشهد الجديد يثير أسئلة حول دور المبرمج في بيئة يقودها ذكاء اصطناعي قادر على تحليل وتعديل المشاريع الكاملة بشكل متواصل. ومع أن الإبداع البشري يبقى جوهر عملية التطوير، إلا أن الاتجاه المتسارع نحو «البرمجة الذاتية» يعيد تعريف المهارات المطلوبة داخل فرق التقنية.

قد لا تكون Codex نهاية المشهد، لكنها بالتأكيد علامة فارقة تُشير إلى أن الكفاءة لم تعد مجرد رقم إنتاجي، بل معيار استراتيجي لقياس جاهزية المؤسسات لعصر البرمجة بالمشاركة مع الذكاء الاصطناعي.

ذو صلة