الذكاء الاصطناعي يدخل مرحلة جديدة: كيف يعيد ChatGPT تشكيل بيئة الأعمال ومستقبل العمل

3 د
قدمت OpenAI رؤيتها لتوسيع استخدام منصتها في قطاع الأعمال لزيادة تبني التقنيات الحديثة.
تسعى الشركة لتقديم أدوات مثل AgentKit وAgentBuilder لتسهيل بناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
تعمل OpenAI على تحسين تجربة المستخدم داخل الشركات مع التركيز على الثقافة المؤسسية للذكاء الاصطناعي.
وصفت أجواء العمل داخل الشركة بكونها هادئة ركّزت على بناء ذكاء اصطناعي عام مفيد للجميع.
هذا التوجه يفتح الفرص أمام الشركات لتطوير حلول مخصصة باستخدام تقنيات OpenAI.
طرحت شركة OpenAI رؤيتها الجديدة لتوسّع استخدام منصتها داخل قطاع الأعمال، مؤكدة أن التركيز المقبل سيكون على تبني المؤسسات لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي ضمن بيئاتها اليومية. يأتي ذلك بعد مرور ثلاث سنوات فقط على إطلاق ChatGPT الذي أصبح أحد أكثر المنتجات التقنية انتشارًا بين المستخدمين حول العالم.
تحول استراتيجي نحو قطاع المؤسسات
خلال مقابلة حديثة مع موقع TechRadar Pro، أوضح مات ويفر، رئيس قسم هندسة الحلول في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بـ OpenAI، أن الشركة تعتزم جعل بيئتها التقنية نقطة انطلاق لأي مبرمج أو مؤسسة تسعى لبناء تطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وركّز ويفر على هدف الشركة "تمكين أي شخص لديه فكرة وعدد قليل من أسطر الشيفرة من بناء مشروع فعلي على منصتنا".
يشمل هذا التوجه إطلاق حزمة جديدة من الأدوات مثل AgentKit وAgentBuilder، وهي أدوات تسهّل على المطورين إنشاء "وكلاء ذكيين" باستخدام واجهات OpenAI البرمجية، إلى جانب تحسينات على مكونات واجهة الاستخدام. كما أُعلن عن Codex بنموذج ترميزي مطوّر يعمل في بيئات متعددة مثل الطرفية (Terminal) وبيئات التطوير المتكاملة، وحتى عبر السحابة.
مزايا وأدوات جديدة لتعزيز الإنتاجية
- منصة Codex SDK لتسهيل نقل الأكواد إلى بيئات الإنتاج.
 
- مكون إضافي جديد لدمج Codex في خدمة Slack للتعاون الذكي.
 
- إمكانية تطوير واجهات استخدام داخل ChatGPT مباشرة من قِبل المؤسسات.
 
يرى ويفر أن هذه الخطوات ستمنح الشركات مرونة في بناء ما تحتاجه فعليًا بدلًا من إعادة بناء البنية الأساسية ذاتها في كل مرة. وأشار إلى أن مؤسسات ضخمة وأخرى ناشئة تشترك في التحدي ذاته: "الوقت الضائع في إعداد الهيكل التقني بدلاً من تطوير القيمة المضافة".
تجربة المستخدم المؤسسي في مركز الاهتمام
باستناد إلى أكثر من خمسة ملايين مستخدم تجاري نشط، تبني OpenAI استراتيجيتها القادمة على الدمج بين التبنّي العلوي من الإدارة العليا وبين الاستخدام اليومي من الموظفين. وتعتبر الشركة أن بناء "ثقافة الذكاء الاصطناعي" داخل المؤسسات لا يقل أهمية عن تنفيذ المشاريع الضخمة. ومن الأمثلة التي أشار إليها ويفر، تنظيم هاكاثونات داخل المؤسسات أثناء تنفيذ ChatGPT Enterprise، حيث تُكتشف أفكار وحالات استخدام لم تكن مطروحة على مستوى الإدارة.
"الذكاء الاصطناعي يصبح ذا معنى حقيقي عندما يكون جزءًا من العمل اليومي، لا مجرّد مشروع استراتيجي."
— مات ويفر، OpenAI
ما وراء الخطط التقنية: استقرار داخلي وتسارع خارجي
اللافت في تصريحات ويفر كان وصفه للأجواء داخل الشركة بـ«الهادئة والمركزة» رغم الزخم الهائل والتوقعات العالمية. وأكد أن الفريق يعمل وفق رؤية موحدة لبناء "الذكاء العام الاصطناعي لمنفعة الجميع"، في إشارة واضحة إلى أن OpenAI ترى نفسها ضمن سباق طويل الأمد لا تحكمه إعلانات لحظية بقدر ما يعتمده على التزامات استراتيجية.
في الواقع، يعكس تركيز الشركة على المؤسسات طبيعة المرحلة الحالية من سوق الذكاء الاصطناعي، بعد أن أصبحت الأدوات الاستهلاكية الناضجة مثل ChatGPT تبحث عن تطبيقات أكثر استدامة وربحية. دخول المؤسسات بهذا العمق يعني انتقال الذكاء الاصطناعي من الاستخدام الفردي إلى مرحلة البنية التحتية المهنية، ما سيعيد تعريف مفهوم "الأداة الذكية" داخل أماكن العمل.
قد يفتح هذا المسار الباب لشركات البرمجيات والأنظمة المحلية في المنطقة العربية لتوظيف واجهات OpenAI لبناء حلول مخصصة، خاصة مع توسع حلول مثل الذكاء المساعد في أوفيس من مايكروسوفت وتحسن دعم اللغة العربية في النماذج الجديدة. وفي ظل هذا التوجه، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد منافسة على تقديم ذكاء اصطناعي "مُضمَّن في العمل" وليس موازٍ له.
الحراك الجديد لـ OpenAI ليس مجرّد توسع تجاري، بل محاولة لإعادة صياغة العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والعمل البشري داخل الشركات. وبينما تتسابق المؤسسات لتحقيق كفاءة أعلى، تظل المعادلة الحقيقية قائمة على مدى قدرة التقنية على احترام إيقاع العمل الإنساني لا استبداله. المستقبل القريب سيحدد إن كان هذا التوازن ممكنًا، أم أن الكفّة ستميل أكثر للآلة.









