ذكاء اصطناعي

لماذا يتفوّق الرياديون الأمريكيون في الذكاء الاصطناعي وما الذي ينقص الأوروبيين؟

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

أشارت لورا موديانّو إلى جرأة رواد الأعمال الأميركيين مقارنة بالأوروبيين المحافظين.

تشجع OpenAI الشركات الأوروبية على زيادة الجرأة والثقة في عرض أفكارهم التقنية.

تُظهر الشركات الناشئة الأوروبية محاولة للتغيير، لكن الفجوة في التمويل والسرعة ما زالت موجودة.

تشير تصريحات موديانّو إلى رغبة في تطوير مشهد أوروبي أكثر انفتاحًا على المخاطرة.

تسعى OpenAI لتبني عقلية تجريبية جديدة عبر تدريب فرق أوروبية على خطط جريئة.

أثارت تصريحات رئيسة قسم الشركات الناشئة في OpenAI لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، لورا موديانّو، نقاشًا واسعًا في الأوساط التقنية وريادة الأعمال، بعد أن أشارت إلى أنّ رواد الأعمال الأميركيين «يكادون يكونون بلا خجل» عندما يتحدثون عن أفكارهم، مقارنة بنظرائهم الأوروبيين الأكثر تحفظًا. جاءت تصريحاتها خلال فعالية موجهة للشركات الأوروبية الناشئة، نُشرت تفاصيلها عبر موقع The Times of India، حيث دعت موديانّو مؤسسي المشاريع التقنية في أوروبا إلى تبنّي قدر أكبر من الجرأة والثقة في التواصل والتوسع.


ما وراء التصريح: ثقافة الجرأة في الابتكار

تتعامل OpenAI منذ فترة مع بيئات أعمال مختلفة جغرافيًا وثقافيًا، إذ تعمل على دعم مئات الشركات الناشئة في القارة الأوروبية عبر برامج تمويل وتكامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. في هذا السياق، رأت موديانّو أنّ الفارق الثقافي بين رواد الأعمال في القارتين لا يكمن فقط في الخبرة التقنية، بل في طريقة عرض الفكرة ومتابعة النمو، مشيرة إلى أنّ الأميركيين أكثر استعدادًا لتجربة ما هو جديد حتى قبل اكتمال الصورة النهائية للمنتج.

تلك الملاحظة أعادت إلى السطح نقاشًا قديمًا في أوروبا حول بطء تبني التقنيات الحديثة. في السنوات الأخيرة، ومع صعود شركات ناشئة تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل Hugging Face وMistral، ظهرت محاولات لتغيير النهج المحافظ تدريجيًا، لكن التصريح الأخير يُلمّح إلى أن الفجوة ما زالت قائمة من حيث الحضور في الأسواق والقدرة على جذب التمويل المخاطر.

  • النقطة الأولى: الثقافة الأميركية تشجع على إطلاق المنتج بسرعة، مقابل تركيز أوروبي أدق على إغلاق العيوب قبل الإطلاق.
  • النقطة الثانية: التمويل الجريء في الولايات المتحدة يسمح بتجربة أفكار أكثر خطورة، بينما لا يزال المستثمرون الأوروبيون يفضلون الأمان المالي.
  • النقطة الثالثة: أدوات OpenAI مثل GPT‑4 وAPI التكاملية تُستخدم بالفعل في دعم شبكات الشركات الناشئة في كلا القارتين، لكن بوتيرة اعتماد مختلفة.

تحول بنية الابتكار في أوروبا

تعكس تصريحات موديانّو رغبة OpenAI في بناء مشهد أوروبي أكثر انفتاحًا على المخاطرة التقنية والتجريب المبكر، وهو ما يتماشى مع استراتيجية الشركة في توسيع نطاق خدماتها في المنطقة. ويأتي ذلك بعد توسّع عدد من مراكز الذكاء الاصطناعي الأوروبية مثل DeepMind في لندن، وتزايد المبادرات الوطنية لدعم نماذج اللغة المفتوحة المصدر. إلا أن ترسيخ عقلية "ابدأ أولًا وصحّح لاحقًا" لا يزال تحديًا في بيئة أعمال يتقدم فيها الامتثال على المغامرة.


«ربما تحتاج أوروبا إلى جرعة من الجرأة الأميركية لتقود موجة الابتكار التالية» – لورا موديانّو

تستفيد OpenAI من هذه النقاشات في إعادة تشكيل برامجها الموجهة لرواد الأعمال، إذ تعمل على تدريب الفرق الأوروبية ليس فقط لاستخدام أدواتها التقنية، بل لصياغة خطط أكثر جرأة للعرض والاستثمار. ومن المتوقع أن تَظهر نتائج هذا التوجه خلال الأشهر المقبلة على شكل شراكات جديدة أو تطبيقات موجهة للأسواق المحلية.


ما الذي تعنيه هذه الرسالة لمستقبل ريادة الأعمال الأوروبية؟

ذو صلة

تتجاوز الرسالة حدود علاقات الشركات الناشئة بـOpenAI، لتسلّط الضوء على الأساس الفكري للمنافسة في الذكاء الاصطناعي نفسه. فبينما يراهن الأميركيون على السرعة والكثافة في التجريب، تحاول أوروبا إيجاد توازن بين الامتثال والابتكار. ومع صعود التشريعات مثل "قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي"، ستُختبر قدرة القارة على أن تكون ساحة ابتكار لا تكتفي بالمراقبة.

قد تكون "الجرأة" التي تحدثت عنها موديانّو عنصرًا مفقودًا في المعادلة الأوروبية، لكنها ليست بالضرورة قضية ثقافية فقط. فالدعم المؤسسي والتمويل المتاح وسياسات المخاطرة تشكل معًا ملامح بيئة الابتكار. وفي النهاية، يظلّ السؤال مفتوحًا: هل تستطيع أوروبا أن تترجم حذرها إلى ميزة تنافسية، أم أنّ العالم سيتحرك بسرعة تتجاوز قدرتها على المواكبة؟

ذو صلة