ذكاء اصطناعي

سام ألتمان يكشف الحقيقة وراء الانتقادات الموجهة إلى GPT-5

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

شهد نموذج GPT-5 من OpenAI انتقادات بسبب الإخفاقات أثناء الإطلاق المباشر.

الدفاع العلني عن النموذج جاء بعد أسابيع، مؤكدًا أن المشروع يسير نحو AGI.

تركيز النموذج الجديد على التعلّم بالتغذية الراجعة من الخبراء بدلاً من تضخيم البيانات.

يعتبر GPT-5 نقلة نوعية في مجالات علمية معترَف بها مثل الفيزياء والرياضيات.

OpenAI تخطط لاستثمارات ضخمة في البنية التحتية لتطوير نماذج مستقبلية.

شهد عالم الذكاء الاصطناعي جدلًا جديدًا بعد إطلاق نموذج GPT-5 من شركة OpenAI في أغسطس الماضي، إذ رافق الحدث إخفاقات وصفها البعض بـ«الحرجة» أثناء البث المباشر، ما أثار موجة انتقادات واسعة في أوساط التقنية والأبحاث. غير أن الرئيس التنفيذي سام ألتمان خرج بعد أسابيع ليدافع عن النموذج الجديد، مؤكدًا أن المنتقدين "أساؤوا الفهم"، وأن المشروع يسير بخطى ثابتة نحو هدف الشركة الأكبر: الذكاء العام الاصطناعي (AGI).


جدل الإطلاق... وإصرار OpenAI على المسار

واجه GPT-5 في أيامه الأولى استقبالًا فاترًا من المستخدمين والباحثين الذين لاحظوا أداءً أقل انسيابية مقارنة بالإصدارات السابقة. منصات التواصل امتلأت بتجارب تشير إلى "برود" في تفاعل النموذج، ما دفع بعض المستخدمين للمطالبة بالعودة إلى GPT-4 الذي أثبت استقراره. ورغم الاعتراف من ألتمان بأن أجواء الإطلاق كانت "بمزاج سيئ"، فإنه يرى أن الصورة تحسّنت بمرور الوقت مع ظهور استخدامات واعدة في مجالات متخصصة مثل الفيزياء والبيولوجيا الحسابية.


«هناك شيء لم يحدث مع أي نموذج قبل GPT-5، وهو انخراطه الحقيقي في تسريع اكتشافات علمية جديدة» – سام ألتمان

تقول المقابلة التي نشرها موقع WIRED إن OpenAI ترى في هذا الانتقال خطوة مدروسة: فـ GPT-5 لم يعتمد على تضخيم البيانات أو توسيع حجم الخوادم كما اعتادت الشركة، بل ركّز على آلية «التعلّم بالتغذية الراجعة من الخبراء» (Reinforcement Learning from Human Feedback – RLHF) بطريقة أكثر نضجًا، ما سمح للنموذج بأن يتدرّب على بيانات يُنتجها بنفسه وبتصحيح من مختصين.


ما الذي تغيّر في GPT‑5 فعلًا؟

  • انتقال من "التوسّع في الكمّ" إلى "الذكاء في النوع"، عبر الاعتماد الأكبر على التغذية البشرية بدل التجميع الخوارزمي للبيانات.
  • تحسين قدرات النموذج في مجالات علمية وتقنية عميقة، مع ترتيب ضمن المراكز الأولى في مسابقات رياضية ومواهب رياضية فكرية مثل الـ Math Olympiad.
  • تركيز واضح على الاستخدامات البحثية والعلمية بدل المحادثات العامة، ما جعل بعض المستخدمين العاديين يشعرون بانخفاض الحميمية في التفاعل.
  • تحسينات في معالجة الكود البرمجي وتوليد بيانات تجريبية للنماذج العلمية، وهو ما اعتبره ألتمان نواة توجه نحو «ذكاء بحثي تفاعلي».

من جهة أخرى، تشير تصريحات رئيس الشركة غريغ بروكمان إلى أن «الصعوبات في توسيع البنية الحسابية هي التحدي الحقيقي»، إذ تخطّط OpenAI لاستثمار مئات المليارات في مراكز بيانات ضخمة بالتعاون مع شركات مثل أوراكل وسوفت بانك. الهدف هو تمهيد الطريق لنماذج GPT‑6 وGPT‑7، التي يتوقع ألتمان أن تكون "قفزات نوعية" مقارنة بالجيل الحالي.


بين ضوضاء الانتقادات وسباق الوصول إلى AGI

النقاش حول "نهاية فرضية التوسّع" التي تراها بعض الأصوات في مجتمع الذكاء الاصطناعي لم يُقنع ألتمان بعد. فبينما يرى محللون أن GPT‑5 يعلن بداية "تباطؤ" موجة الذكاء الاصطناعي التجاري، يصرّ قادة OpenAI على أن الذكاء العام ليس محطة نهائية بل مسار تطوري طويل. الشركة تبني اليوم ما تصفه بـ«البنية التحتية لمستقبل الاقتصاد الذكي»، وليس منتج محادثة متقدّمًا فحسب.

ذو صلة

هذا التحوّل في الخطاب من "نحو AGI" إلى "ضمن مسار AGI" يعبّر عن نضوج استراتيجي محتمل. فبدل مطاردة تعريف جامد للذكاء العام، يبدو أن OpenAI تستعد لقبول «مرحلة المراهقة» كما وصفتها في مكاتبها بعبارة «AI puberty» – المرحلة التي يصبح فيها الذكاء الاصطناعي غامض السلوك كثير الطموح.

برغم الجدل، يصعب إنكار أن GPT‑5 يعيد رسم حدود التفاعل بين الإنسان والآلة، ليس بقدر ما يقدّمه من انبهار تقني، بل عبر إصراره على تعليم الآلة أن تفكّر كما نريدها أن تتعلّم. وبين من يراه خيبة أمل وآخر يراه صفحة جديدة، تظل الحقيقة الأوضح أن الذكاء الاصطناعي يسير بثقة نحو مرحلة بات تعريفها نفسه جزءًا من النقاش.

ذو صلة