سام آلتمان بلا حصة من أوبن أيه آي… ومايكروسوفت تجني 10 أضعاف استثمارها

3 د
أعلنت شركة "أوبن أيه آي" إعادة هيكلتها لتصبح كيانًا ذا منفعة عامة.
سام ألتمان لن يمتلك أي حصة مالية في الهيكل الجديد للشركة.
استثمار مايكروسوفت في "أوبن أيه آي" يقدر الآن بعشرة أضعاف قيمته الأصلية.
التحول إلى شركة ذات منفعة عامة يعكس بداية فصل جديد في صناعة التقنية.
تُعيد الهيكلة تعريف الملكية في عصر الذكاء الاصطناعي مع التركيز على الاستدامة الأخلاقية.
في عالم التقنية، يمكن أن تغيّر لحظة توقيع اتفاق واحد مسار صناعة بأكملها. هذا ما حدث عندما أعلنت شركة "أوبن أيه آي" إعادة هيكلتها لتصبح كيانًا ذا منفعة عامة، في اتفاق تاريخي مع "مايكروسوفت". وسط العناوين التي تتحدث عن المليارات والتقييمات الضخمة، كان الخبر الأبرز أن سام ألتمان، القائد الذي ارتبط اسمه بولادة "شات جي بي تي"، لن يمتلك أي حصة مالية في الشركة الجديدة. خطوة ليست عادية في بيئة يتسابق فيها الجميع لامتلاك نصيب من الكعكة الرقمية.
تحوّل غير مألوف في عقيدة الشركات التقنية
حين نرى شركة تمثل محور الذكاء الاصطناعي اليوم تُعيد تعريف هويتها على أسس "منفعة عامة"، يبدو أننا أمام لحظة مراجعة عميقة لفكرة الربح في هذا المجال. تقليديًا، تدور شركات التقنية حول النمو والعوائد، لكن "أوبن أيه آي" تضع هنا معيارًا مختلفًا: كيف يمكن للشركة أن تتقدم في الابتكار دون أن تُقيّدها حسابات المستثمرين وحدهم؟
مايكروسوفت وجني عشر أضعاف الاستثمار
استثمرت مايكروسوفت منذ عام 2019 نحو 13.8 مليار دولار في "أوبن أيه آي"، واليوم تصل قيمة حصتها إلى ما يقارب 135 مليار دولار. الأرقام مذهلة، لكنها تعكس أيضًا كيف تُعيد العلاقة بين الطرفين رسم حدود القوة في الذكاء الاصطناعي التجاري. فالصفقة الجديدة تُحرّر "أوبن أيه آي" من قيود اتفاقها السابق مع مايكروسوفت، وتمنحها حرية تشغيلية أوسع في المقابل.
ألتمان بين القيادة والمثالية
قرار سام ألتمان بعدم امتلاك أي حصة في الهيكل الجديد يعيد فتح النقاش حول طبيعة القيادة في الشركات التقنية. فهل يمكن لقائد أن يوجّه مؤسسة ضخمة دون أن تكون له مصالح مالية مباشرة فيها؟ ربما يسعى ألتمان لتطوير نموذج قيادي يفصل بين المصلحة الشخصية وبين الطموح المعرفي، ما قد يرسخ فكرة أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد منتج، بل مسؤولية إنسانية واقتصادية في آن واحد.
"الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يُدار كأداة للربح فقط؛ بل كقوة تدفع المجتمع نحو التفكير في حدوده التقنية والأخلاقية."
منفعة عامة بطموحات خاصة
التحوّل إلى شركة ذات منفعة عامة يعني أن "أوبن أيه آي" ستوازن بين قيمتها السوقية الضخمة ومسؤوليتها تجاه المجتمع. عمليًا، هذا يمنحها غطاء قانونيًا لتوجيه أهدافها نحو الابتكار طويل الأجل بدلاً من الأرباح السريعة. ومع ذلك، يبقى التحدي الحقيقي في التطبيق؛ فكيف يمكن للشركة أن تُرضي شريكًا بحجم مايكروسوفت، وتفي في الوقت نفسه بمبدأ "المنفعة العامة" الذي تبنّته؟
انعكاسات أبعد من الصفقة
إعادة هيكلة "أوبن أيه آي" تُرسل إشارة قوية إلى الصناعة بأكملها: المستقبل قد لا يُقاس فقط بالتمويل أو السيطرة السوقية، بل بمدى الاستدامة الأخلاقية والاجتماعية للذكاء الاصطناعي. وبينما يحتفظ المستثمرون بعوائد ضخمة، يبدو أن القيادة اختارت موقعًا مختلفًا، أقرب إلى وصاية فكرية على مستقبل التقنية منه إلى حيازة مالية.
قد لا تكون هذه الخطوة نهاية قصة العلاقة بين التقنية والرأسمال، لكنها بالتأكيد بداية فصل جديد يُعيد تعريف معنى "الملكية" في عصر الذكاء الاصطناعي. وربما، مع مرور الوقت، نكتشف أن أعظم الأرباح لا تُقاس بما في الحسابات البنكية، بل بما يُعاد صياغته في الوعي الجمعي للتقنية ومسؤوليتها الإنسانية.









