ذكاء اصطناعي

مراكز بيانات أوبن إيه أي الجديدة تستهلك طاقة تفوق استهلاك مدينة نيويورك بالكامل

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

أعلن سام ألتمان أن مراكز بيانات OpenAI ستتجاوز استهلاك كهرباء نيويورك بالكامل.

تهدف الشراكة مع إنفيديا إلى بناء مراكز بيانات بقدرة 10 جيجاواط، مما يضع ضغوطًا هائلة على الشبكات.

الانتقادات تطال تبعات الحوسبة على الطاقة والبيئة، مع تزايد استهلاك المياه للتبريد.

التحدي يكمن في موازنة بين دعم الاقتصاد الرقمي واستدامة الموارد البيئية.

أعلن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، أن مراكز البيانات الجديدة التي تعتزم الشركة تشييدها بالتعاون مع إنفيديا، ستستهلك قدرًا من الكهرباء يفوق استهلاك مدينة نيويورك بالكامل. الإعلان، الذي صدر نهاية سبتمبر 2025، أعاد فتح النقاش حول كلفة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ليس ماديًا فقط بل أيضًا بيئيًا، في وقت تتسابق فيه الشركات على تعظيم قدراتها الحسابية.


10 جيجاواط من القدرة الحاسوبية ليست مجرد أرقام

تتضمن الشراكة بين OpenAI وإنفيديا بناء مراكز بيانات بطاقة إجمالية تصل إلى 10 جيجاواط. لفهم ضخامة الرقم، تكفي المقارنة التي قدمها خبراء الطاقة: هذه القدرة تفوق ذروة الاستهلاك في دول مثل البرتغال وسويسرا مجتمعتين. المشروع الذي تُقدّر استثماراته بـ 100 مليار دولار، سيغير خريطة توزيع الموارد الكهربائية، ويضع ضغوطًا هائلة على الشبكات الوطنية.

هذا التوجه ليس معزولًا، إذ يرتبط أيضًا بمبادرات سابقة مثل “Stargate”، التي تشترك فيها كل من أوراكل وسوفت بنك، بدعم من الحكومة الأمريكية. وحدها هذه المبادرة قد تضيف سبعة جيجاواط أخرى إلى معادلة الطلب، أي ما يعادل استهلاك مدينة مثل سان دييغو في موجة حر صيفية.

  • 10 جيجاواط من OpenAI/إنفيديا = أكثر من نيويورك بأكملها.
  • 7 جيجاواط إضافية من مشروع Stargate = استهلاك مدينة كبرى مثل سان دييغو.
  • مركز بيانات واحد في تكساس يستهلك كهرباء تكفي نصف مليون منزل.
  • التوقعات: وصول الحوسبة إلى 10 - 12% من إجمالي الطلب العالمي على الطاقة بحلول 2030.

هذه المؤشرات جعلت باحثين مثل أندرو شيين من جامعة شيكاغو يحذرون من تحول الذكاء الاصطناعي إلى عبء طاقوي قد يغيّر موازين صناعة الطاقة بالكامل في غضون سنوات قليلة، خصوصًا مع استمرار فشل الشركات التقنية في بلوغ أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.


سام ألتمان - بيان رسمي للشركة

"البنية التحتية للحوسبة ستكون أساس الاقتصاد المقبل."


الذكاء الاصطناعي بين الطموح البيئي والضغط الواقعي

ورغم وعود مزودي الخدمات السحابية بالاعتماد على مصادر متجددة، فإن الواقع يبرهن العكس. شركات مثل جوجل أقرت مسبقًا بأنها بعيدة عن أهدافها في تقليص الانبعاثات. كما أظهرت تقارير بيئية أن مراكز البيانات الضخمة تستهلك كميات هائلة من المياه لأغراض التبريد، ما يضع المجتمعات المحلية أمام موازنة صعبة بين دعم الاقتصاد الرقمي واستدامة الموارد.

أمام هذه الضغوط، تبرز خيارات قد تبدو حتمية، منها اللجوء إلى مفاعلات نووية لتأمين الاستقرار الطاقوي، أو الإسراع في تطوير حلول هجينة تجمع بين الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، والغاز الطبيعي. ومع ذلك، فإن عملية الترخيص والبناء النووي تستغرق سنوات طويلة، ما يجعل المدى القصير أكثر اعتمادًا على موارد تقليدية.

ذو صلة

من زاوية أوسع، يُعيد هذا النقاش إلى الأذهان التوتر الذي صاحب انتقادات مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على البيئة، والتي لم تتوقف عند حدود الولايات المتحدة بل امتدت عالميًا. وبينما ترى الشركات أن “كل شيء يبدأ بالقدرات الحسابية”، يتساءل الخبراء عمّا إذا كان هذا المسار سيجعل الذكاء الاصطناعي منافسًا غير متوقع للإنسان… ليس في الوظائف هذه المرة، بل على موارد كوكب الأرض.

إذا كان الاقتصاد الرقمي يتجه لأن يصبح المستهلك الأكبر للطاقة في العالم، فإن التحدي الحقيقي لن يكون فقط في تحسين الخوارزميات أو تسريع الشاشات الرسومية، بل في إعادة تعريف العلاقة بين التقنية والبيئة. والسؤال الأبرز اليوم: هل سينجح الذكاء الاصطناعي في أن يكون محركًا للاقتصاد دون أن يتحول إلى عبء على النظام البيئي العالمي؟

ذو صلة