OpenAI تقترب بقوة من منافستها Anthropic في سباق برمجة الذكاء الاصطناعي

يشهد مجال الذكاء الاصطناعي المخصص للبرمجة سباقًا متسارعًا جديدًا بين اثنتين من أبرز الشركات في الساحة، إذ أظهرت بيانات حديثة أن جهود OpenAI للحاق بمنافستها Anthropic في أدوات توليد الشيفرة بدأت تؤتي ثمارها. فحسب تقرير نُشر عبر The Information، تمكن نظام «Codex» من تحقيق أداء متقدّم في بعض اختبارات كتابة الشيفرات مقارنة بمساعد «Claude Code» الذي تطوّره Anthropic.

تعدّ المنافسة بين OpenAI وAnthropic من أكثر المواجهات تأثرًا بالتطورات السريعة في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، لاسيما في قطاع المطورين. فبعد أن قدّمت Anthropic مساعدها «Claude Code» في وقت سابق كأداة متقدمة لإنشاء الشيفرات وشرحها، كانت OpenAI تسعى لتقليص الفارق بعد حالة التراجع النسبي التي شهدها «Codex» في الاستخدام والقدرات.

لكن بحسب البيانات المنشورة، أصبحت الأداة التابعة لـOpenAI قادرة على معالجة مهام برمجة أكثر تعقيدًا، إضافةً إلى زيادة استخدامها من قبل المطورين خلال الأشهر الأخيرة، في مؤشر واضح على تحسّن تجربة المستخدم وثقة المجتمع التقني بالخدمة.

يمتد الصراع بين الأسماء الكبرى في هذا القطاع إلى ما هو أبعد من مؤشرات الأداء، إذ تراهن الشركات على الجمع بين السرعة والدقة وتبسيط واجهات الاستخدام. وأصبح مفهوم “المساعد البرمجي الذكي” اليوم من ركائز العمل في تطوير البرمجيات، بعد أن بدأت الأداة تُقدَّم كجزء أساسي من منصات التطوير نفسها، لا كمجرد إضافة.

المثير في هذا السياق أن شركات أخرى - مثل GitHub عبر خدمة Copilot، وجوجل عبر مشروع Codey - تصعّد المنافسة بورقة التخصيص الشديد والقدرة على الفهم السياقي للشيفرة. ويبدو أن OpenAI، عبر تطوير Codex، تخطو باتجاه الاعتماد على الدمج الأعمق مع منصة ChatGPT لتجاوز محدودية الأدوات التقليدية في بيئات التطوير المتعددة.

وفي الوقت الذي تربط فيه بعض المصادر هذا السباق بتطور تقنيات “النماذج التخصصية المصغرة”، يشير محللون إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تحوّلًا من مجرد إنشاء الشيفرة إلى فهم مشكلات البرمجيات واقتراح حلول تصحيحية تلقائية، وهي النقلة التي قد تغيّر طريقة عمل فرق التطوير جذريًا.

توقعات السوق تشير إلى توسّع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي البرمجية، مع بدء دمجها في التعليم، والاختبار، وتصحيح الشيفرة في الوقت الفعلي. وهذا يفتح الباب أمام تغيرات هيكلية في دور المبرمج ذاته، من كاتب تعليمات إلى مصمم حلول يتعامل مع الذكاء الاصطناعي كمحاور يشارك في عملية البناء.

ورغم أن المنافسة بين OpenAI وAnthropic تتقدم بسرعة، فإن الرابح الحقيقي يبدو أنه المستخدم النهائي الذي سيستفيد من منظومات أكثر وعيًا بسياق العمل البرمجي وأقل حاجة إلى الأوامر التفصيلية. وربما يكون التحدي الأكبر لاحقًا هو الحفاظ على التوازن بين “الابتكار” و“الأمان البرمجي”، خصوصًا مع تصاعد قلق الشركات من تسرب الشيفرات الحساسة أو إنتاج تعليمات خاطئة.

ومهما اختلفت وتيرة السباق، يظل الواضح أن أدوات الذكاء الاصطناعي المخصصة للبرمجة تتحرك نحو لحظة النضج الحقيقي، التي لن تعيد تشكيل عملية التطوير فحسب، بل قد تعيد رسم علاقة الإنسان بالشيفرة ذاتها.