ابتكار جديد يسعى لتحليل أفكارك عبر موجات الصوت

3 د
يسعى سام ألتمان لتطوير تقنية تترجم إشارات الدماغ باستخدام الموجات الصوتية.
تنضم "ميرج لابز" للتعامل غير الجراحي مع الخلايا العصبية باستخدام الموجات فوق الصوتية.
تهدف التقنية لتوفير واجهات دماغية حاسوبية آمنة، وتحقيق الاندماج بين الإنسان والآلة.
تسعى الشركة لجمع تمويل ضخم لدعم المشروع بفضل رؤيته طويلة المدى.
يوضح المشروع التحديات الأخلاقية والطبية فيما يخص تعديل الجينات وتأمين بيانات الدماغ.
قبل أعوام قليلة، كانت فكرة التواصل مع الحاسوب بمجرد الفكر تقتصر على أفلام الخيال العلمي. اليوم، يبدو أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لأوبن إيه آي، يريد نقل هذه الفكرة إلى الواقع، ولكن بطريقة لا تفتح الجمجمة ولا تزرع الأقطاب داخل الدماغ. مشروعه الجديد "ميرج لابز" يَعِد بتقنية تترجم إشارات الدماغ باستخدام الموجات الصوتية، لا الشحنات الكهربائية.
الذكاء الاصطناعي يقترب من الدماغ دون جراحة
انضمام ميخائيل شابيرو، الباحث في معهد كاليفورنيا للتقنية والمتخصص في الهندسة الجزيئية الحيوية، إلى الفريق المؤسس للشركة، ليس تفصيلًا عابرًا. فالأبحاث التي قادها خلال السنوات الماضية جعلت الموجات فوق الصوتية وسيلة للتعامل مع الخلايا العصبية بطرق غير جراحية. ما يعني أن "ميرج لابز" تسير في اتجاهٍ مختلف تمامًا عن نهج "نيرالينك" التابعة لإيلون ماسك، التي تتطلب تدخلًا جراحيًا وزرع شرائح داخل الدماغ.
هذا التحول نحو "اللا تداخلي" ينبئ بعصرٍ جديد من واجهات الدماغ والحاسوب. يمكن للإنسان أن يستفيد من القدرات الحسابية للذكاء الاصطناعي من دون أن يخاطر بسلامته العصبية، وهو طموح يتناغم مع رؤية ألتمان التي طرحها قبل سنوات عن «الاندماج بين الإنسان والآلة»، لكن بشروط تحفظ الجسد والوعي معًا.
من الموجة إلى الفكرة: كيف تعمل التقنية
الفكرة الأساسية هي استخدام الموجات فوق الصوتية لتنشيط خلايا عصبية معدلة جينيًا بحيث تستجيب لترددات معينة. هذا المزج بين الهندسة الوراثية والموجات الصوتية يفتح بابًا لمجال جديد يسمّى «الواجهات الحيوية الصوتية»، إذ يمكن قراءة نشاط الدماغ أو التأثير فيه عن بعد، دون أي سلك أو إلكترود.
يعتمد هذا المفهوم على تحويل الخلية إلى مستقبل ذكي قادر على الاستماع، بدلًا من غرس جهاز داخل رأس الإنسان ليستمع بالنيابة عنه. وفي خلفية هذه الفكرة تساؤل فني وأخلاقي في آن: هل الوصول إلى أفكارنا يجب أن يمر عبر الجسد أم عبر الجين؟
استثمار ضخم ورؤية أكبر
وفق تسريبات صحفية، فإن الشركة الجديدة تسعى لجمع مئات الملايين من الدولارات من مستثمرين، على رأسهم أوبن إيه آي نفسها. هذا التمويل المبكر يعطي إشارة إلى أن المشروع يُنظر إليه بوصفه خطوة في مسار تطور الذكاء الاصطناعي نحو التكامل الحيوي مع الإنسان. ليست الفكرة جهازًا تجاريًا في الأفق القريب بقدر ما هي بحث طويل المدى في كيفية جعل التواصل مع الآلة تجربة طبيعية أشبه بالتفكير ذاته.
ألتمان، الذي صرّح سابقًا بأنه لا يرغب في زرع أي جسم غريب في دماغه، يُفضّل نموذج «القراءة فقط» من الدماغ البشري، أي أن نفكر والأنظمة تفهمنا دون العكس. هذا الموقف يعكس اتجاهًا متناميًا في وادي السيليكون نحو جعل التكنولوجيا أكثر إنسانية وأقل تداخلاً مع الجسد.
بين الحلم والحدود الأخلاقية
إذا نجحت "ميرج لابز" في تطبيق فكرتها، فسنكون أمام نقلة قد تغيّر طريقة تفاعلنا مع الواقع الرقمي بأكمله. لكن المسار مليء بالتحديات: من موافقات الجهات الطبية إلى المخاوف الأخلاقية حول تعديل الجينات واستخدام بيانات الدماغ البشرية. ما يُطرح هنا ليس مجرد منتج، بل إعادة تعريف للعلاقة بين الوعي والتقنية.
قد لا تكون هذه الواجهة جاهزة غدًا، لكن مجرد التفكير في جهاز يفهم ما نفكر به دون أن نلمسه، يعيد رسم حدود الخصوصية والهوية. إنها خطوة تُذكّرنا بأن المستقبل لا يندفع نحونا بخطى ميكانيكية، بل بموجات دقيقة تطرق باب عقولنا بهدوء.









