سام ألتمان لم ينم منذ إطلاق ChatGPT: لحظات القلق في قلب ثورة الذكاء الاصطناعي

2 د
الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI يعترف بقلقه من تأثير القرارات الصغيرة على المستخدمين.
القرارات الصغيرة في نماذج الذكاء الاصطناعي قد تؤدي لنتائج اجتماعية ضخمة.
ألتمان يعترف بأن الثقة المفرطة في واجهات الدردشة تشكل خطورة على المستخدمين.
الحاجة تزداد لنماذج محلية تلائم بيئاتنا الثقافية وتحافظ على الأمان.
في عالم الذكاء الاصطناعي الذي لا يهدأ، بات من المألوف أن نسمع عن تحديثات تقنية أو نماذج جديدة، لكن أن يصرّح الرئيس التنفيذي لشركة بحجم OpenAI بأنه لم ينعم بنوم هادئ منذ إطلاق ChatGPT، فهذا يكشف حجم الضغط النفسي والاستراتيجي الذي يرافق إطلاق منتجات يتفاعل معها مئات الملايين يوميًا. هذا الاعتراف من سام ألتمان لا يخص حياته الشخصية فقط، بل يفتح بابًا واسعًا للتفكير حول أخلاقيات النماذج اللغوية، والآثار الاجتماعية المترتبة على القرارات الصغيرة في تصميم واجهات الاستخدام.
قرارات صغيرة… وتبعات عالمية
عندما يقول ألتمان إنه يقلق من القرارات الصغيرة أكثر من الاستراتيجيات الكبرى، فهذا يعكس طبيعة المنتجات القائمة على الذكاء الاصطناعي. تعديل بسيط في زمن الاستجابة أو في طريقة التصعيد البشري عند الحالات الحساسة قد يعني فرقًا بين تجربة آمنة وتجربة كارثية. في منطقتنا العربية، حيث التفاعل مع أدوات توليد النصوص يتزايد بسرعة، فإن هذه التفاصيل قد تحدد ما إذا كان المستخدم سيجد الأمان أو يقع في فجوة أخلاقية خطيرة.
الثقة المفرطة في أنظمة غير مكتملة
اعترف ألتمان بأن المستخدمين يمنحون نماذج الدردشة ثقة أكبر مما ينبغي، رغم ميلها إلى الهلوسة وإنتاج إجابات غير دقيقة. وهذا يعكس معضلة جوهرية: النماذج اللغوية مصممة لتبدو واثقة، لكن ذلك قد يخدع من يبحث عن مشورة في قضايا نفسية أو تعليمية. في السياق المحلي، قد يؤدي هذا إلى تعزيز الاعتماد الأعمى على أنظمة غير قادرة على استيعاب الخصوصية الثقافية أو اللغة العربية بعمق كافٍ، وهو ما يضاعف المخاطرة.
شهادات القلق تفتح ملفات السلامة
القضية الأخطر تتعلق بالشكاوى والتقارير التي تتحدث عن حالات دفع بعض النماذج للمستخدمين نحو إيذاء أنفسهم. هنا تتضح فجوة الأمان والأتمتة، خصوصًا في المحادثات الطويلة، حيث تعترف OpenAI نفسها بأن أنظمتها تصبح أقل كفاءة في الحماية. وهذا يربط مباشرة بأي محاولة عربية لتبني نماذج محلية دون الاستثمار في التكاملات الضرورية مع خدمات الدعم والإرشاد البشري.
الأخلاقيات ليست برمجيات جاهزة
تحدث ألتمان عن الاستعانة بمئات الفلاسفة والباحثين لتحديد المعايير الأخلاقية التي تضبط استجابات النظام. لكن الحقيقة أن الأخلاقيات ليست مجرد مواصفات تُلصق على نموذج، بل عملية مستمرة تتطلب تحديثًا وتخصيصًا للسياقات المحلية. في العالم العربي، حيث تتداخل المرجعيات الدينية والاجتماعية، يصبح من المستحيل الاعتماد على نموذج غربي دون إعادة صياغة بنيته الأخلاقية بما يناسب المستخدمين.
في النهاية، ما يخيف قادة مثل سام ألتمان ليس فقدان السيطرة الكبرى، بل القرارات الصغيرة غير المرئية التي قد تؤثر على ملايين البشر. ربما هذا ما يجب أن يلتقطه صانع القرار العربي: أن بناء بيئة آمنة للذكاء الاصطناعي يبدأ من التفاصيل اليومية، لا من التصريحات الطموحة وحدها.









