ذكاء اصطناعي

SEAL: تقنية جديدة تمنح الذكاء الاصطناعي ذاكرة حيّة تتعلّم كالبشر

مجد الشيخ
مجد الشيخ

4 د

نموذج SEAL يتيح للذكاء الاصطناعي تحديث معارفه تلقائيًا دون إعادة تدريب كامل.

النماذج قادرة على التكيف مع المعلومات الجديدة مثل البشر.

تفوقت SEAL على نماذج أكبر مثل GPT-4.

1 ببيانات أقل.

أنظمة SEAL تقدم حلاً لأزمة "الجدار المعلوماتي" في المستقبل.

ما زال التحدي في تجنب النسيان الكارثي أثناء تحديث المعلومات.

تخيل معي لوهلة أنك بحاجة إلى أن تتعلم من الصفر في كل مرة تتلقى فيها معلومة جديدة. قرأت للتو خبراً حول الانتخابات الجارية؟ إذن عليك إعادة تدريب دماغك كاملاً لكي تحفظه. تعرّفت على كلب جديد لدى صديقك وتريد تذكر اسمه؟ مرة أخرى، ستُضطر إلى إعادة إدخال كامل معلوماتك من البداية. قد تبدو الفكرة جنونية قليلاً، لكن – صدق أو لا تصدق – هذا بالضبط ما يحدث حالياً مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، حيث تبقى قدراتها عالقة في نقطة التدريب الأخيرة، كأنها حشرات محفوظة في الكهرمان.

المفارقة هنا أن هذه الحالة أصبحت قيداً حقيقياً على تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي لا تستطيع تحديث معارفها إلا عند إجراء تدريب جديد مكلف وباهظ الموارد. ولذلك، بمرور الوقت، تصبح هذه النماذج التوليدية قديمة، وتبتعد تدريجياً عن الواقع والتطورات المستمرة في العالم.

وهذا ما يجعل بحثاً حديثاً قام به فريق من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) جديراً بالاهتمام: أعلن الباحثون فيه عن تطوير تقنية جديدة تسمى SEAL (نماذج اللغة ذاتية التكييف)، تمكن نماذج الذكاء الاصطناعي من تحديث نفسها تلقائياً والتكيف مع المعلومات الجديدة باستمرار، دون الحاجة إلى إعادة تدريب كامل. ببساطة، عندما يواجه نظام الذكاء الاصطناعي SEAL معلومة جديدة لا يخزنها كما هي، بل يعيد صياغتها وينظمها بشكل مختلف لتصبح جزءاً من معارفه بطريقة طبيعية أشبه بطريقة تعلمنا كبشر.

ولكن كيف تحدد هذه النماذج أفضل طريقة لحفظ وتعلم المعلومات الجديدة؟ في الواقع، لا تتبع تقنية SEAL نمطاً جامداً، بل تستخدم طريقة "التعلم المعزز"، بحيث تُنشئ عدة طرق لتقديم المعلومات لنفسها وتختار الطريقة الأكثر فعالية لتعلّمها. إنها أشبه بمعلم ذكي ومرن بداخله طالب، يختبر باستمرار أفضل الوسائل لفهم المناهج الدراسية، بحيث يبتكر لنفسه البطاقات التعليمية أو الأسئلة والأمثلة أو غير ذلك، ليرى ما الذي يجعل المعلومات تترسخ أكثر.

في الاختبارات، تفوقت نماذج SEAL بشكل ملحوظ حتى على نماذج أكبر حجماً مثل GPT-4.1، وحققت نتائج أفضل مع بيانات قليلة جداً، ما ينبئ بثورة محتملة في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر خلق أنظمة حيوية أكثر مرونة وأقل تكلفة في التحديث.

وهذا يقودنا مباشرة إلى ما يعرف بأزمة "الجدار المعلوماتي"، حيث من المتوقع أننا بحلول عام 2028 سنكون قد استهلكنا كل المصادر الرقمية للمحتوى الكتابي البشري. هنا يأتي دور SEAL في تقديم حل جذري، فبدلاً من الاعتماد على كميات هائلة من النصوص البشرية، تستطيع هذه الأنظمة توليد محتوى تعليمي خاص بها تلقائياً مع المحافظة على الجودة العالية والتحديث المتواصل.

لكن، بالتأكيد لا يزال أمام نموذج SEAL بعض التحديات المهمة، ومنها ظاهرة النسيان الكارثي التي قد تؤدي إلى فقدان بعض المعلومات السابقة مع تعلم معلومات جديدة. ورغم أن عملية تحديث المعرفة قد تستهلك طاقة حاسوبية أكثر مقارنة بالنماذج التقليدية، إلا أن ما يتم تحقيقه من توفير في الوقت والجهد وحفاظ على تحديث المعلومات يبقى خطوة هائلة للأمام.

في الخلاصة، مع هذه التطورات الجديدة مثل تقنية SEAL، قد يصبح التفاعل اليومي مع الأنظمة الذكية أكثر سلاسة وفائدة: فبدلاً من انتظار التحديثات السنوية، ستتمكن أنظمة الذكاء الاصطناعي من مواكبة كل جديد والتكيّف مع المستخدم بسرعة فائقة، مستفيدة من كل معلومة جديدة تحصل عليها من حولها. وفي مجالات كالصحة، والتعليم، والقانون، سيصنع توفر المعلومة الدقيقة والفورية من خلال هذا النوع من التدريب فرقاً كبيراً في جودة القرارات وفعاليتها، وربما ينقذ أرواحاً في بعض الأحيان.

ذو صلة

نستطيع القول إننا على أعتاب مرحلة مفصلية جديدة للذكاء الاصطناعي؛ مرحلة تنتقل من نماذج ثابتة "مجمّدة" إلى أخرى قادرة على اكتساب المعرفة باستمرار. وربما يأتي اليوم الذي نحصل فيه جميعاً على مساعد رقمي قادر على التعلم من خبراتنا اليومية، وينمو معنا خطوة بخطوة نحو مستقبل أفضل وأكثر ذكاءً.

وبالنظر إلى كل هذا، فإن أسلوبنا الصحفي في شرح الخبر يمكّن القارئ من فهم واضح وسهل للمصطلحات التقنية المعقدة، وهو أمر ضروري لأي مقال تقني جذاب. وربما لو أضفت بعض الأمثلة الواقعية ذات الصلة الوثيقة بالمجتمع العربي لتعميق تواصل القارئ مع الموضوع سيكون ذلك أكثر فائدة في إيصال الفكرة بشكل أفضل.

ذو صلة