كوريا الجنوبية تتحدى الكبار بـ 390 مليون دولار لتطوير نماذج لغوية عملاقة

أعلنت كوريا الجنوبية عن إطلاق أكبر مبادرة وطنية لتطوير الذكاء الاصطناعي السيادي، بتمويل حكومي يصل إلى 530 مليار وون (نحو 390 مليون دولار) موجه إلى خمس شركات محلية لتطوير نماذج لغوية عملاقة خاصة باللغة والثقافة الكوريتين. هذه الخطوة تمثل تحديًا مباشرًا لهيمنة كيانات مثل OpenAI وGoogle، وتعكس سعي سيول لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية وضمان حماية بياناتها في عصر الذكاء الاصطناعي.

تأتي المبادرة في وقت يتسارع فيه سباق تطوير النماذج اللغوية عالميًا، من إطلاق خدمات جديدة من OpenAI وصولًا إلى سباق التخصيص والتكامل في قطاع الأعمال. كوريا الجنوبية، المعروفة بقدرتها على الجمع بين التصنيع التكنولوجي والابتكار البرمجي، تطمح إلى خلق "بدائل سيادية" للنماذج الغربية، بما يتفق مع أولويات الأمن القومي وحماية البيانات المحلية، إلى جانب تعزيز حضورها الصناعي في الأسواق التكنولوجية العالمية.

وزارة العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات اختارت خمس جهات تمثل مزيجًا من العمالقة والشركات الناشئة: LG AI Research، SK Telecom، Naver Cloud، NC AI، والناشئة Upstage. كل منها تدخل السباق بميزة تنافسية مختلفة تفتح آفاقًا لتوظيف الذكاء الاصطناعي في قطاعات متنوعة مثل التصنيع، الرعاية الصحية، والاتصالات.

"الهدف ليس التفوق بالحجم، بل بتقديم ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة وقيمة عملية للأسواق المحلية والعالمية."

Honglak Lee - LG AI Research

هذا التوجه يعكس نمطًا عالميًا متناميًا نحو تطوير نماذج سيادية تظهر في أوروبا والشرق الأوسط أيضًا. الاعتماد على البيانات المحلية يعزز الدقة ويدعم الخصوصية، لكنه يضع تحديات أمام قدرة هذه النماذج على المنافسة العالمية من حيث الحجم والتكلفة. المنافسة الكورية قد تفرض معايير جديدة على كيفية الاستفادة من الكفاءة بدل الاعتماد فقط على الضخامة، وهو ما قد يفتح الباب أمام نماذج أقل تكلفة وأكثر تخصصًا في قطاعات مثل التمويل والرعاية الصحية.

يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستنجح كوريا الجنوبية في تقديم بديل عملي قادر على المنافسة خارج حدودها، أم أن النماذج العالمية ستظل تمتلك اليد العليا بفضل مواردها الضخمة وشبكاتها المتنوعة؟ في كل الأحوال، الخطوة الكورية تحمل رسالة واضحة: مستقبل الذكاء الاصطناعي لن يُرسم فقط من وادي السيليكون، بل من عواصم أخرى تعرف كيف تمزج التكنولوجيا بالسيادة الوطنية.