هل يختفي عصر الإنترنت المجاني من بين أيدينا؟ مؤسس تيليجرام يدق ناقوس الخطر

3 د
حذر بافيل دوروف مؤسس تيليجرام من انخفاض حرية الإنترنت لصالح الرقابة الحكومية.
الإجراءات الأوروبية والبريطانية والأسترالية تهدد حرية الشبكة العالمية عبر تنظيمات صارمة.
التشريعات الجديدة تجبر شركات التقنية على اتخاذ مواقف قانونية حساسة بشأن الخصوصية.
تتشكل الإنترنت من جديد في صراع بين حرية المستخدمين والقيود التنظيمية الحكومية.
يبقى السؤال حول إمكانية إيجاد توازن يحفظ الأمان دون التضحية بالحرية الرقمية.
أطلق مؤسس تطبيق المراسلة الشهير تيليجرام، بافيل دوروف، تحذيرًا صريحًا حول مستقبل الإنترنت الحر، في رسالة نشرها عبر منصة X بمناسبة عيد ميلاده الحادي والأربعين، مشيرًا إلى أن الحقبة التي عرف فيها الإنترنت كمساحة مفتوحة تتلاشى بسرعة لصالح موجة متزايدة من الرقابة الرقمية والسيطرة الحكومية.
تحذير من نهاية الإنترنت المفتوح
أوضح دوروف في منشوره أن مفهوم الحرية الرقمية الذي ارتكزت عليه شبكة الإنترنت منذ نشأتها أصبح مهددًا، إذ يرى أن الخطوات التنظيمية الجديدة في أوروبا وأستراليا وبريطانيا تمهّد لتحويل الشبكة العالمية إلى أداة مراقبة شاملة. وأشار إلى سياسات مثل فرض الهوية الرقمية الإلزامية في بريطانيا، والتحقق من العمر في أستراليا، ومحاولات الاتحاد الأوروبي لفحص الرسائل الخاصة باعتبارها أمثلة على تآكل الحريات الرقمية.
“جيلنا ينفد منه الوقت لإنقاذ الإنترنت المجاني الذي بناه لنا آباؤنا”، كتب دوروف، في رسالةٍ وصفها المستخدمون بالمظلمة والواقعية.
لم يكن تحذير دوروف الأول من نوعه، فقد دافع سابقًا عن مبدأ الخصوصية المطلقة في تصميم تيليجرام وواجه عدة ضغوط من الحكومات، خصوصًا في أوروبا، لتقنين الخدمات أو فتح قنوات مراقبة رسمية. الآن، يربط المؤسس بين تلك الضغوط وبين تحوّل أوسع نحو مركزية الإنترنت، حيث تتحكم الشركات الكبرى والسلطات الوطنية في مفاتيح الهوية والوصول.
خلف القلق: تحول عالمي في سياسات البيانات
يرى خبراء التقنية أن صعود تشريعات مثل “التحقق الإلزامي من الهوية الرقمية” ليس مجرد إجراء أمني، بل يعكس تحوّلًا في فلسفة الإنترنت نفسه؛ من فضاء مملوك للمستخدمين إلى بنية خاضعة للتوثيق والتصنيف. هذه التغييرات، وإن كانت تُسوَّق باسم “الأمان”، إلا أنها تثير تساؤلات جوهرية حول حق الأفراد في التفاعل دون وصاية.
- المملكة المتحدة أقرت قانون “الأمان على الإنترنت” الذي يتيح تتبع الحسابات غير الموثقة.
 
- الاتحاد الأوروبي يناقش مقترحًا للفحص الشامل للرسائل الخاصة بهدف مكافحة استغلال الأطفال.
 
- فرنسا تدرس نظام هوية رقمية موحد يشمل الخدمات المصرفية والاجتماعية.
 
بحسب مراقبين، فإن تصريحات دوروف تأتي وسط بيئة متوترة بالنسبة لشركات التقنية التي تسعى للموازنة بين الامتثال للقوانين وحماية الخصوصية. فالتشريعات الجديدة قد تجبر شركات مثل تيليجرام على اتخاذ مواقف قانونية حساسة أو إعادة هيكلة خدماتها، بما في ذلك سرية المحادثات المشفرة التي تمثل جوهر المنصة.
أسئلة المستقبل: من يملك الإنترنت حقًا؟
تفتح كلمات بافيل دوروف الباب أمام نقاش واسع حول من يحدد قواعد الإنترنت في المستقبل، فبينما تبرّر الحكومات تدخلها بحماية المستخدمين من المحتوى الضار، يحذر المطورون من أن تلك الإجراءات ذاتها قد تؤدي إلى فقدان التنوع والحرية التي جعلت الشبكة عالمية منذ بدايتها. وكما حدث في الجدل الأخير حول تنظيم الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الصراع بين الحرية والرقابة يعيد تعريف حدود التكنولوجيا الحديثة.
يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كان بإمكان الأفراد والمنصات إيجاد توازن جديد يحفظ الأمان دون التضحية بالخصوصية. فبينما يتغير شكل الإنترنت كما نعرفه، ربما يكون مستقبل الشبكة مرهونًا بقدرة هذا الجيل على الدفاع عن أبسط مبادئها: أن تكون متاحة، مفتوحة، وعادلة للجميع.









