ذكاء اصطناعي

تسلا تخطط لتطوير رقائقها الذكية للسيارات والروبوتات دون منافسة نفيديا

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

تيسلا تطور معالج AI5 لتعزيز استقلالية توريد الرقائق الذكية.

سيتم تصنيع الرقاقة في مصانع سامسونغ وتي إس إم سي لتحقيق كفاءة أعلى.

تواصل تيسلا الاعتماد على رقائق إنفيديا لتدريب النماذج، رغم تطويرها رقاقة خاصة.

الشركة تركز على "البساطة الجذرية" لتقليل التعقيدات ورفع الأداء.

تسعى تيسلا لتعزيز تكامل الذكاء الصناعي من التصميم للتطبيق.

قبل أن ينتهي اجتماع المستثمرين في تيسلا مساء الأربعاء، كان إيلون ماسك يرسم ملامح مرحلة جديدة في علاقة شركته مع عالم الرقائق الذكية. خبر بسيط في ظاهره: تيسلا تطور معالجًا للذكاء الاصطناعي يحمل اسم AI5. لكنه في جوهره إعلان عن بداية سباق جديد بين صناع السيارات والتقنيات لتملك عصب المستقبل، أي المعالجة الحسابية المتقدمة للذكاء الاصطناعي.


رقاقة واحدة وسيناريوهات متعددة

تيسلا، التي صنعت سمعتها بجرأة قراراتها، قررت أن تعتمد على نفسها بعد أن كانت تستند إلى رقائق إنفيديا لإدارة أنظمة القيادة الذاتية. الرقاقة الجديدة AI5 ستُصنع بالتوازي في مصانع سامسونغ بولاية تكساس وتي إس إم سي في أريزونا. هذه الخطوة تكشف عن رغبة الشركة في ضمان استقلالية توريدها وتعزيز سيطرتها على أهم مكونات منظومتها التقنية. فإذا لم تُستخدم تلك الرقائق في السيارات أو الروبوتات، فستنتقل إلى مراكز بيانات تيسلا نفسها، لتغذي مشروعاتها في الذكاء الاصطناعي والروبوتات الصناعية.


الاستقلال لا يعني القطيعة مع إنفيديا

رغم العناوين المثيرة التي توحي بمنافسة مباشرة، أكد ماسك أن تيسلا "ليست بصدد استبدال إنفيديا"، بل تستخدم رقائقها الضخمة في تدريب النماذج الذكية. إنفيديا ما تزال عملاق هذا المجال، لكن وجود بديل داخلي يمنح تيسلا هامش مناورة أكبر لتجربة تصاميمها الخاصة وضبطها وفق طلباتها الدقيقة. ويمكن القول إن الشركة تراهن على توازن بين الاعتماد على الشركاء والاعتماد على الذات، وهي معادلة غير مألوفة في صناعة السيارات التي كانت تاريخيًا بعيدة عن هذا المستوى من تصميم الشرائح.


التبسيط كاستراتيجية هندسية

اللافت في تصريحات ماسك هو تكراره لفكرة "البساطة الجذرية". فريق تصميم رقاقة AI5 لم يحتج لإرضاء عملاء متعددين مثل إنفيديا، بل شركة واحدة فقط: تيسلا. هذا الأمر أتاح للمهندسين حذف وحدات معالجة لم تعد ضرورية، مثل وحدات الرسوميات القديمة ومعالجات الإشارات، مما رفع كفاءة الأداء مقابل التكلفة. فلسفة "حذف التعقيد" هنا ليست مجرد قرار تقني، بل تعبير عن نزعة تيسلا المزمنة لتحدي المعايير الصناعية وإعادة رسمها بأسلوبها الخاص.


ما وراء مصنع الرقائق

خلف هذا التطوير يكمن تحول أكبر في الصناعة كلها. فالشركات الكبرى مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت تبني رقائقها الخاصة أيضًا لتقليل اعتمادها على إنفيديا ورفع الكفاءة. الاتجاه الواضح أن الرقاقة لم تعد مجرد قطعة إلكترونية، بل أداة استراتيجية تحدد حدود الابتكار والسيادة التقنية. في هذا السياق، تيسلا ليست شركة سيارات فحسب، بل مختبر سيليكون يتعامل مع الذكاء الاصطناعي كوقود لمستقبلها الصناعي.


تسريع الخطى نحو الذكاء الصناعي

ذو صلة

وجود مشروع تيسلا لتصميم رقاقة خاصة يتقاطع مع صعود مشروع آخر لماسك: شركة xAI التي تبني حواسيب عملاقة تعتمد على رقائق إنفيديا. وكأن الرجل يقود منظومة متكاملة بين شركتين؛ الأولى تصنع الرقاقة المخصصة لآلاتها، والثانية تستهلك العتاد الأضخم لتدريب النماذج. الصورة الأوسع تقول إننا أمام محاولة لتوحيد حلقات الذكاء الصناعي من التصميم إلى التطبيق، ضمن مجال كان منقسمًا تقليديًا بين صانعي العتاد ومطوري البرمجيات.

حين ينتهي الغبار عن سباق الرقائق، ستكون المسألة أكبر من المنافسة بين تيسلا وإنفيديا؛ إنها معركة على تعريف من يتحكم بذكاء المستقبل. ومن يدير العصب الحسابي سيكون هو من يرسم حدود الابتكار القادم، في السيارات، الروبوتات، وحتى المدن الذكية.

ذو صلة