تراجع زيارات ويكيبيديا مع صعود ملخصات البحث الذكية والفيديوهات القصيرة

3 د
كشفت ويكيميديا عن تراجع الزيارات البشرية للموسوعة بنسبة 8٪ سنويًا بسبب الذكاء الاصطناعي.
أصبح المستخدمون يفضلون الإجابات المولدة آليًا دون زيارة ويكيبيديا بحثًا عن المعلومات.
تراجع الزيارات يقلل من التبرعات ويهدد جودة المحتوى وتنوعه بمرور الوقت.
التحدي هو حماية المعرفة المفتوحة بالتعاون مع تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة.
تسعى ويكيميديا لضمان الإشارة لمصدر مقالاتها في الخدمات الذكية.
تواجه Wikipedia واحدة من أشدّ فتراتها تحديًا في عقدها الأخير؛ إذ كشفت مؤسسة ويكيميديا عن تراجع الزيارات البشرية للموسوعة بنسبة 8٪ على أساس سنوي، في وقتٍ بدأت فيه أدوات الذكاء الاصطناعي ومحركات البحث الجديدة تُعيد تشكيل الطريقة التي يبحث بها الناس عن المعلومات.
ذكاء اصطناعي يختصر المسافة… ويختصر معها الزيارات
وفقًا لبيان رسمي من مؤسسة ويكيميديا، فإن عملية تحديث أنظمة اكتشاف الزيارات الآلية أظهرت أن جزءًا كبيرًا من الارتفاع السابق في التصفح يعود إلى روبوتات كانت تتخفى كمستخدمين. لكن حتى مع تصحيح الأرقام، ظلّ التراجع واضحًا في الحركة البشرية الفعلية. السبب الأكبر – كما يراه المسؤول البارز مارشال ميلر – هو أن المستخدمين باتوا يكتفون بالإجابات المولّدة آليًا داخل محركات البحث أو بتفاصيل سريعة عبر مقاطع الفيديو القصيرة بدلًا من زيارة المصدر نفسه.
يشير ميلر إلى أن «نمو الذكاء الاصطناعي في محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي غيّر سلوك البحث جذريًا»، حيث أصبح كثير من المستخدمين يتلقّون "جوابهم" دون أن يعثروا فعليًا على صفحة ويكيبيديا، رغم أن المحتوى الأصلي ما يزال مأخوذًا منها.
ماذا يعني هذا للموسوعة الحرة؟
- تراجع زيارات المستخدمين يعني بطبيعة الحال انخفاض التبرعات الصغيرة التي تعتمد عليها المؤسسة غير الربحية في تمويلها المستقل.
- ضعف مشاركة المتطوعين الجدد في التحرير قد يهدد تنوّع المحتوى وجودته بمرور الوقت.
- تنامي الاعتماد على خلاصات الذكاء الاصطناعي يجعل شهرة ويكيبيديا «خفية»، أي أن الناس يستفيدون من محتواها دون أن يزوروا الموقع فعليًا.
في المقابل، تسعى المؤسسة لوضع إطار جديد يضمن الإشارة إلى المصدر الأصلي عند دمج مقالاتها في الخدمات الذكية، وهي خطوة شبيهة بما طرحته منصات كبرى لحماية الملكية الفكرية ضمن التدريب على النماذج اللغوية.
«مع تراجع الزيارات تقلّ مساهمات المجتمع التحريري والمادي، ما يهدد دائرة المعرفة المفتوحة نفسها». – مارشال ميلر، ويكيبيديا.
ومن اللافت أن المؤسسة كانت قد جرّبت العام الماضي إطلاق ملخّصات توليدية محلية شبيهة بـ ChatGPT، لكنها أوقفت التجربة بعد احتجاجات من المحررين خشية أن تضعف تفاعل القُرّاء مع النصوص الأصلية. هذا التردد بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ومقاومة طغيانِه يعكس مأزقًا أكبر يواجه الصناعة المعرفية ككلّ.
مستقبل المعرفة بين الذكاء الاصطناعي والمصادر المفتوحة
التراجع في حركة ويكيبيديا لا يُقرأ كمؤشر سلبي لموقعٍ بعينه بقدر ما هو إنذار للحالة العامة للمعرفة على الإنترنت. إذا كانت الأجيال الجديدة تميل إلى استهلاك المعلومة عبر مقاطع الفيديو القصيرة أو نتائج البحث الموجزة، فإن ذلك يضع ضغطًا على المشاريع المفتوحة مثل ويكيبيديا لتعيد تعريف دورها: هل تكتفي بأن تكون «المصدر خلف الكواليس» أم تعود لجذب الزوار مباشرة بمنصّات وواجهات وتجارب جديدة؟
الجواب الأقرب ربما يكمن في التوازن؛ أن تبقى المعرفة حرة ومفتوحة ومتاحة عبر قنوات الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على صلتها بالمجتمع البشري الذي صنعها. فالموسوعة التي وُلدت من فكرة "التعاون المفتوح" قد تجد نفسها مضطرة اليوم إلى التعاون مع الخوارزميات ذاتها لتحافظ على تلك الروح.









