ذكاء اصطناعي

إيقاف دعم ويندوز 10 من مايكروسوفت يعزز مبيعات أجهزة ماك ويغيّر خريطة اختيارات المستخدمين

مصطفى يسري
مصطفى يسري

3 د

إيقاف دعم «ويندوز 10» دفع المستخدمين للبحث عن بدائل أكثر استقرارًا مثل macOS.

حصلت آبل على استفادة كبيرة بارتفاع شحناتها بنسبة 15٪ بعد توقف الدعم.

المستخدمون يبحثون عن تجربة خالية من التحديثات القسرية والمساعدين الرقميين.

التحول لأنظمة آبل يعبر عن بحث المستخدم عن الثقة وليس فقط الأداء.

الأجهزة المدعمة بالذكاء الاصطناعي لم تجذب انتباه المستخدمين بشكل واسع حتى الآن.

لم تكن نهاية «ويندوز 10» مجرد تحديث روتيني أو لحظة عابرة في تاريخ نظام تشغيل عمره عقد من الزمان، بل كانت نقطة تحوّل دفعت كثيرًا من المستخدمين إلى إعادة التفكير بعلاقتهم مع الحاسوب نفسه. ففي اللحظة التي أعلنت فيها مايكروسوفت توقف دعم النظام في منتصف أكتوبر الماضي، خرج آلاف المستخدمين من عالم ويندوز ليجربوا ضفة أخرى أكثر هدوءًا… ضفة شعار التفاحة المضيئة.


رحيل ويندوز 10 يفتح الباب أمام ماك

التحليل الأولي للأرقام الصادرة عن مؤسسات بحثية مثل Counterpoint Research يكشف أن آبل كانت بين أكبر المستفيدين من هذه الموجة. فبينما تسارع شركات الحواسيب لإطلاق طرازات «الذكاء الاصطناعي» الموصوفة بـ Copilot+، اتجهت أنظار كثير من المستخدمين إلى الماك، حيث ارتفعت شحناته بنسبة قاربت 15٪ على أساس سنوي، في الربع التالي لإيقاف دعم ويندوز 10. اللافت أن هذه الطفرة لم تأتِ من وظائف جديدة لآبل بقدر ما جاءت من ارتباك الطرف الآخر.


خيارات المستخدم بين الإلزام والحرية

قرار مايكروسوفت بإنهاء دعم أحد أكثر أنظمتها شعبية خلق حالة من الإحباط لدى من لا تزال أجهزتهم تعمل بكفاءة، لكنها لا تتوافق مع متطلبات «ويندوز 11» المشددة مثل شريحة الأمان TPM 2.0. هذا الاحتكاك بين «ما زال يعمل» و«غير مدعوم» دفع كثيرين لاختيار بديل يمنحهم شعور السيطرة مجددًا. هنا يظهر الماك باعتباره منصة لا تفرض على مستخدمها تحديثًا قسريًا أو تبديلًا في العتاد لمجرد البقاء محدثًا.


الفارق النفسي قبل التقني

حين يقرر المستخدم الانتقال إلى macOS، فالأمر يتجاوز البرمجيات إلى الإحساس بالاستقرار. ففي الوقت الذي تسوّق فيه مايكروسوفت حواسيب «الذكاء الاصطناعي» كخطوة نحو المستقبل، يرى كثير من المستخدمين أن ما يحتاجونه فعليًا هو واجهة متزنة لا تغمرهم بالإشعارات والمساعدين الرقميين غير الناضجين. إنهم يبحثون عن تجربة استخدام أكثر هدوءًا، حتى وإن كانت أقل ذكاءً اصطناعيًا.


تحرّك السوق بين السياسة والتكنولوجيا

لا يمكن فصل أداء السوق عن السياق السياسي. ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات القادمة من الصين دفع الشركات إلى تخزين أجهزة ومكونات إضافية تحسبًا لأي اضطراب في الإمدادات. هذا السلوك ساهم في تضخيم أرقام الشحنات، لكنه لا يفسر بمفرده التفوق اللافت لآبل. فالتحول من نظام إلى آخر يمثل قرارًا شخصيًا واقتصاديًا في الوقت ذاته؛ قرارًا ينبئ بأن المستهلك لم يعد ينظر إلى الحاسوب كأداة تشغيل فقط، بل كتجربة متكاملة للثقة والاعتمادية.


الذكاء الاصطناعي بلا جاذبية حتى الآن

رغم فيض الحملات التسويقية حول «الحواسيب المدعمة بالذكاء الاصطناعي»، لم يتحول هذا التصور حتى الآن إلى طاقة شرائية حقيقية. تقرير Counterpoint يشير إلى أن المستخدمين لا يختارون أجهزتهم استنادًا إلى قدرات الذكاء الاصطناعي، بل إلى عناصر تقليدية مثل الذاكرة وسعة التخزين وعمر البطارية. هذا يوضح أن التقنية الحديثة تحتاج إلى قصة استخدام ملموسة قبل أن تتحول إلى ميزة مؤثرة في السوق.

ذو صلة

ما الذي تعنيه هذه التحولات للمستقبل؟

ربما يعيد هذا المشهد صياغة العلاقة بين البشر وأنظمتهم التشغيلية. حين يختار المستخدم ماك لأنه «يريحه» لا لأنه «أقوى»، فإننا أمام تحول من منطق المواصفات إلى منطق الثقة. ومايكروسوفت، التي بنت إرثها على الانتشار، تجد نفسها مطالبة اليوم بإعادة اكتشاف القيمة العاطفية للمنتج لا التقنية فحسب. قد يتغير التوازن مرة أخرى مع نضوج حواسيب الذكاء الاصطناعي، لكن الدرس واضح: الولاء لم يعد يُشترى بالأداء فقط، بل بالطمأنينة.

ذو صلة