ذكاء اصطناعي

أخيرًا… عالم أحياء يجرؤ على حل لغز “الدجاجة أم البيضة”!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

البيضة ظهرت قبل الدجاجة بوقت طويل، مرتبطة بسلالات الديناصورات قبل 195 مليون سنة.

البيوض البدائية تعود إلى أكثر من 600 مليون سنة مع كائنات كقناديل البحر.

العبرة ليست في ترتيب الأحداث، بل في استمرار الجينات والحياة على الأرض.

السؤال الفلسفي عن الدجاجة والبيضة يعكس تأملات عميقة في نشأة الحياة والزمن.

قد يبدو السؤال القديم ـــ "أيهما جاء أولاً: الدجاجة أم البيضة؟" ـــ مجرد لغز فلسفي للتندر، لكنه في الواقع يفتح بوابة إلى فهم أعمق لتاريخ الحياة على الأرض. الباحث وعالم الحيوان جولز هوارد يحاول في كتابه الجديد أن يعيد صياغة القصة من منظور غير معتاد: ليس من زاوية الحيوانات نفسها، بل من خلال البيضة، هذا الوعاء البيولوجي البسيط والمعقد في آن واحد.

وهنا تكمن أهمية الطرح، إذ لا ينحصر الأمر في دجاجة وبيضة، بل يمتد إلى رحلة تطورية تمتد مئات الملايين من السنين.


البيضة أسبق من الطيور بقرون زمنية


إذا حصرنا معنى البيضة في ذلك الشكل ذي القشرة الصلبة القابلة للكسر، فالإجابة محسومة: البيضة ظهرت قبل الدجاجة بوقت طويل. فالأبحاث الجينية والأدلة الأثرية تشير إلى أن الدجاج المستأنس لم يظهر إلا قبل أقل من عشرة آلاف عام، بينما البيوض ذات القشور الصلبة تعود إلى بعض سلالات الديناصورات منذ نحو 195 مليون سنة.

وهذا يربط بين الاكتشافات الحديثة في علم الحفريات وبين استنتاج واضح: البيضة سبقت ظهور الدجاجة بمئات الملايين من السنين.


البيضة والأنبوب: قصة أعقد مما نتصور


لكن العلماء لا يكتفون بهذا الجواب البسيط. فهناك سؤال أكثر إثارة: هل سبقت البيضة أم الأنبوب المسؤول عن صنعها؟ داخل جسد الطيور والعديد من الكائنات الأخرى يوجد ما يُعرف بـ"قناة البيض" أو البوق التناسلي، وهو المكان الذي تتشكل فيه الطبقات، من الغشاء الرقيق إلى القشرة الكلسية المزخرفة. هذه القنوات تختلف بشكل مذهل بين الأنواع: بعضها يفرز مواد لاصقة لتثبيت البيوض، وبعضها الآخر يشهد منافسات دموية بين الأجنة كما في بعض أنواع القرش.

ومن هنا ندرك أن الفرق بين "البيضة" و"الأداة التي تصنعها" يعمق اللغز ويجعل الإجابة أكثر تشويقاً.


عودة إلى فجر الحياة


الأدلة الأحفورية على قيعان البحار القديمة تكشف أن البيوض البدائية تعود إلى ما قبل 600 مليون سنة. كانت صغيرة جداً، لا تتعدى المليمتر، وربما أنتجتها كائنات بدائية كقنديل البحر أو الديدان البحرية. وإذا وسّعنا الفكرة إلى الخلايا الجنسية نفسها ـــ البويضات والحيوانات المنوية ـــ نجد أن "البيضة" بهذا المعنى سبقت الحيوانات بقرابة مليار عام، حين لم تكن على الأرض سوى كائنات وحيدة الخلية تقتات على مخلفات الصخور.

وهكذا، فإن جذور اللغز تعود إلى أعماق التاريخ الجيولوجي للأرض، لا إلى حظيرة دجاجة حديثة.


فلسفة تنتقل عبر العصور


منذ أرسطو وبلوتارخ وحتى علماء الأحياء المعاصرين، كان السؤال أكثر من مجرد فضول. كان وسيلة للتأمل في اللانهاية، في نشأة الكون، وفي مفاهيم الزمن السحيق. فالعبرة ليست في من سبق من الاثنين، بل في أن البيضة تجسد رمزاً للحياة المتجددة، وللاستمرارية الجينية التي نقلت أسلافنا وأسلاف جميع الكائنات حتى لحظتنا الراهنة.

وبهذا يصبح السؤال البسيط مادة فلسفية وعلمية تواصل إثارة العقول في عصر الأدلة الجزيئية والتطور.


خاتمة


إذن، حين نعود إلى أصل المعادلة، نجد أن البيضة سبقت الدجاجة بلا جدال، لكن قوتها الرمزية وعراقتها التطورية تجعلها أعمق من مجرد وعاء يولد منه كتكوت. إنها سطر أول في قصة الحياة على كوكبنا، قصة بدأت في مياه المحيطات القديمة قبل مليار عام، وما زالت تُكتب حتى الآن مع كل بيضة نكسرها على مائدة الإفطار.

ذو صلة

---

هل ترغب مني أن أقدّم نسخة قصيرة جداً من القصة (فقرتين فقط) يمكن نشرها كـ **منشور سريع على وسائل التواصل الاجتماعي** يجذب القارئ لمتابعة التفاصيل؟

ذو صلة