ذكاء اصطناعي

أصابع المايا تتحدى العلم… ماذا يخفون في مذابحهم؟

محمد كمال
محمد كمال

2 د

كشفت دراسة حديثة أن حجر «المذبح Q» لحضارة المايا يحمل إشارات خفية.

يدعي اللغوي ريتش ساندوفال أن أوضاع الأيدي تعبر عن لغة إشارات موازية.

يشير البحث إلى استخدام وضعيات اليد في تحديد تواريخ وفق «التقويم الطويل» للمايا.

تثير الفرضية الجديدة جدلاً بين علماء الآثار حول عبقرية النظام الكتابي للمايا.

يرى النقاد أن فرضية ساندوفال قد تعزز بإعادة تفسير نصوص قديمة بعدة طرق.

لم يكن حجر «المذبح Q» الشهير عند حضارة المايا مجرد تحفة أثرية جميلة كما اعتُقد طويلاً، بل قد يكون مفتاحاً لفهم جانب خفي من نظامهم الكتابي. دراسة حديثة كشفت أن أوضاع الأيدي المنحوتة على وجوه الحكام الستة عشر التي تزين الحجر تحمل دلالات زمنية وتاريخية لم يسبق رصدها، ما أثار جدلاً واسعاً بين علماء الآثار واللغات القديمة.

في البداية ركز الباحثون عبر عقود على النقوش الهيروغليفية التي تحيط بالمنحوتة، معتبرينها المصدر الوحيد لفك ألغاز هذه الحضارة. لكن اللغوي ريتش ساندوفال قدّم طرحاً جديداً حين لاحظ أن أوضاع الأصابع والكفوف ليست عشوائية، بل تبدو وكأنها «لغة إشارات» موازية. وهذا يربط بين أسلوب النحت الفني ومحاولة المايا ابتكار نظام مزدوج للكتابة.


اليد ككتاب موازٍ

ساندوفال يؤكد أن هذه الإشارات ينبغي النظر إليها كنص قائم بذاته، لا مجرد عنصر زخرفي. فكما أن الرموز الهيروغليفية مثّلت مقاطع صوتية وكلمات، لعبت وضعيات اليد دوراً مكملاً لنقل معانٍ دقيقة، أبرزها تحديد التواريخ وفق «التقويم الطويل» للمايا. وهذا يفتح الباب أمام قراءة جديدة لتاريخ السلالة الحاكمة في كوبان، المدينة التي تضم المذبح الشهير. ومن هنا تلتقي فرضيته مع الاهتمام المتزايد بفهم العلاقة بين الطقوس السياسية والزمن الديني في حضارة المايا.

تشير الدراسة إلى أن بعض الأوضاع تتطابق مع أرقام محورية في هذا التقويم، بينها ما يعادل أصفاراً تسجل أحداثاً فاصلة. هذه الملاحظة، إذا صحّت، تعني أن فن النحت لم يكن مجرد تصوير ملوكي بل جزء من منظومة توثيق معقدة. وهذا يعيد النقاش حول عبقرية المايا وقدرتهم على الدمج بين النص والرمز والحركة.


جدل علمي متصاعد

لكن الطرح لم يمر دون اعتراض. فخبير النقوش ألكسندر توكوفينين وصف الفكرة بأنها «غير مقنعة»، محذراً من أن الباحث قد يكون انتقى المعطيات لتعزيز استنتاجه. ومع ذلك، ظل ساندوفال متمسكاً بدراسته مؤكداً أنها ترتكز على أدلة متوازية لا تعتمد على عامل واحد فقط. وهذا يربط الجدل الأكاديمي الحالي بالمحاولات السابقة لإعادة تفسير نصوص حضارة المايا بما يتجاوز القراءات التقليدية.

ذو صلة

الأكيد أن هذا الجدل يسلط الضوء مجدداً على مدى تعقيد النظام الكتابي لدى المايا، الذي طالما حُصر في الرموز الحجرية. فإذا كانت فرضية «النظام المزدوج» صحيحة، فذلك يعني أن هذه الحضارة سبقت عصرها في توظيف أكثر من قناة بصرية للاتصال وإدارة شؤون الحكم.

في الختام، تكشف دراسة المذبح Q أن إرث المايا لا يزال مليئاً بالمفاجآت. سواء أثبتت فرضية لغة اليد أو رُفضت، فإنها تعكس حجم الإبداع والفكر المتقدم الذي ميّز هذه الحضارة. وربما يكون هذا الحجر الحجري العتيق بمثابة رسالة متجددة تؤكد أن التاريخ لا تزال به صفحات لم تُقرأ بعد.

ذو صلة