أصغر مريض ألزهايمر في العالم: صدمة الأطباء وبداية حيرة جديدة

3 د
تشخيص أحد المراهقين بألزهايمر في الصين يفاجئ الأطباء، حيث يعد الأصغر سنًا عالميًا.
الأعراض بدأت بفقدان التركيز والذاكرة القصيرة، مع انكماش الحُصين في الدماغ.
غياب الطفرات الجينية المتوقعة يثير فضول العلماء ويدفع لأبحاث جديدة حول المرض.
تشير الحالة إلى تعقيد ألزهايمر وتنوع أسبابه، حتى لدى الشباب دون تاريخ عائلي.
تهدف الأبحاث لفهم أفضل وتعزيز الأمل في تطوير علاجات لألزهايمر بطرق مبتكرة.
تخيل أن تُشخَّص بمرض ألزهايمر، المعروف باسم خَرَف الشيخوخة وارتباطه بفقدان الذاكرة لدى كبار السن، وأنت لم تتخطَّ بعد سن المراهقة! هذا ما حدث فعلاً في الصين عندما فاجأ الأطباء الجميع بتشخيص شاب لم يبلغ العشرين من عمره بالمرض، ليكون أصغر إنسان يُصاب به على الإطلاق وفق ما سجله العالم الطبي حتى الآن.
بدأت القصة عندما لاحظ الشاب، منذ كان في السابعة عشرة، معاناة متزايدة في التركيز وضعف الذاكرة القصيرة لديه. مع مرور الوقت تفاقمت تلك الأعراض، فأصبح ينسى ما حدث بالأمس وينسى أغراضه باستمرار، حتى صار من الصعب عليه مواصلة الدراسة الثانوية على الرغم من أنه استطاع العيش بمفرده. في هذا السياق، يُذكّرنا هذا التشخيص النادر بأن ألزهايمر لم يعد مقتصرًا فقط على كبار السن، بل أصبح يظهر أحيانًا بشكل مفاجئ لدى جيل الشباب.
تفاصيل التشخيص والصدمة الطبية
وفي محاولة لفهم ما يحدث، أجرى الأطباء فحوصات دقيقة للدماغ أظهرت انكماش منطقة الحُصين، وهي المنطقة المسؤولة عن إدارة الذاكرة وتخزين المعلومات. ولم يقف الأمر عند ذلك، بل أظهرت تحاليل السائل الشوكي وجود بروتينات مميزة تصاحب عادة وجود ألزهايمر لدى المرضى كبار وصغار السن. هذا يوضح أن أبرز علامات المرض من مشاكل في التعلم وصعوبة تذكر المعلومات واضحة تمامًا عليه.
ما يجعل حالة هذا المريض أكثر إثارة للجدل علميًا هو أن حالات ألزهايمر المبكرة لدى من هم دون سن الثلاثين عادة ما ترتبط بطفرات جينية معروفة ترثها العائلة عبر الأجيال، مثل التغيرات في جين PSEN1 الشهير. الغريب هنا أن الفحوصات الجينية الخاصة بهذا الشاب لم تظهر أي من تلك الطفرات، كما لم يجد الأطباء في تاريخه أو عائلته إصابة سابقة بالخرف أو أمراض الذاكرة، الأمر الذي أربك العلماء ودفعهم لإعادة التفكير في ميكانيكية المرض وأصوله الوراثية.
وهنا يتضح أن غياب المسببات الوراثية المعروفة يدفع البحث العلمي نحو احتمالات جديدة، ما قد يضع أيدي الباحثين على اكتشافات ثورية في أسباب ألزهايمر. هذا يشكل خطوة هامة نحو فهم المرض ويمنح أملًا بإمكانية ابتكار علاجات أكثر فعالية لمثل هذه الحالات النادرة.
صور أخرى للمرض وأهميته البحثية
وتعكس هذه القصة كم أن مرض الخرف وألزهايمر قد يكونان أكثر تعقيدًا مما نعتقد، إذ لم يعدا حكرًا على الكبر أو على التاريخ العائلي المليء بالمرض. فهناك اليوم أنواع مُتعددة من ألزهايمر تظهر عند الشباب، تختلف في الأسباب وفي الطريقة التي تتطور بها أعراضها، ما يحتم على الأطباء ومراكز الأبحاث في علم الأعصاب مواصلة دراسة المؤشرات الحيوية والمسببات البيولوجية الجديدة المرتبطة بفقدان الذاكرة وتراجع القدرات الإدراكية.
وتشير حالة الشاب الصيني إلى ضرورة التركيز على دراسات الحالات المبكرة غير النمطية، حيث تمثل فرصة فريدة للنظر عن كثب في خفايا الدماغ البشري وتفاعلات بروتيناته. ويؤكد الأطباء أن هذه الدراسة ستعيد توجيه الأنظار إلى قصص الذاكرة المنسية عند فئة الشباب وتفتح أسئلة جديدة حول كيفية بدء المرض وانتشاره.
هكذا نجد أن تشخيص ألزهايمر في سن المراهقة يغيّر تصوراتنا التقليدية، ويدفعنا للتأمل في مدى غموض هذا المرض حتى الآن. وهو تذكير بأهمية المتابعة المستمرة للأبحاث، والانفتاح على فرضيات جديدة بشأن نشوء وتطور أمراض الدماغ.
وباستمرار جهود التقصي العلمي، قد يحمل المستقبل إجابات أوضح للكثير من الأسرار التي لا تزال تلف مرض ألزهايمر حتى اليوم، ما يمنح بريق أمل جديد للمرضى من مختلف الأعمار الباحثين عن بصيص نور في نفق النسيان الطويل.